هاشم العقابي من أجل ان يثبت للبريطانيين ان المدارس العامة لا تقل كفاءة عن الخاصة، ارسل توني بلير، في ايام ولايته، اولاده لمدرسة تابعة للدولة شأنهم شأن عموم ابناء البريطانيين. ومرة قرأت خبرا عن رئيس لدولة عربية، اظنه حافظ الاسد، شرب من ماء الحنفية العادية ليثبت للشعب ان الماء الذي يجهز للبيوت صالح للشرب.
تذكرت هذين الحدثين وانا اتابع تصاعد حملات مطالبة بعض اهالي محافظات العراق بتحويل محافظاتهم الى اقاليم. امر طبيعي جدا ان يختلف السياسيون والمثقفون لا بل وحتى عموم الناس فيما بينهم حول هذا التحول وأن ينقسموا الى مؤيد ومعارض. وليس خافيا ان دولة القانون وكثيراً من اعضاء الحكومة وعلى رأسهم رئيس الوزراء من بين اشد المعارضين.لو سألنا المؤيدين للفدرالية، من الناس البسطاء، لماذا يريدونها؟ فسيقولون لانها ستجعلهم بوضع افضل من ناحية توفير الخدمات والامن وزيادة فرص العمل. اي انهم يرون في الفدرالية فرصة لحياة افضل. حقا يصعب ان تلومهم على ذلك. انهم، في النهاية، يريدون الحصول على الفوائد العملية التي ستوفرها لهم المزايا السياسية للاقليم. لسان حال أي منهم يقول: اريد ان اتنعم بحياة افضل مثلما يتمتع بها ابناء اقليم كردستان كمثال.ولنقارن هنا بين وضع ابناء محافظات اربيل وبغداد وبين أهل السليمانية والبصرة وسكان دهوك وصلاح الدين. فهل اهل ابناء المحافظات التي مازالت مرتبطة بالحكومة المركزية ارتباطا مباشرا (بغداد والبصرة وصلاح الدين) آمنون ويتمتعون بالكهرباء والماء والخدمات مثل اهل اربيل والسليمانية ودهوك؟ الجواب الذي يفرضه الواقع: كلا. باختصار شديد ان الكهرباء والامن والماء والمدارس والطرقات والاسواق ووضع النساء والاطفال في الجانبين مختلف جدا.لنأخذ منطقة اخرى نعرفها جميعا وهي المنطقة الخضراء. ونقارن كهرباءها وماءها وتبليط شوارعها واسواقها بمحافظات العراق مرة وباقليمه مرة اخرى ولنحكم لأيهما حالها اقرب. لنذهب ابعد من ذلك ونقارن القوات التي تحرس المنطقة الخضراء بحرس الاقليم مرة وبالقوات التي تحرس الناس في اي محافظة عراقية. ألا تنهش كواتم الصوت والمفخخات كل ابناء المحافظات بلا استثناء بينما حرس "اقليم المنطقة الخضراء" يحميهم بكل جدارة؟صحيح ان "الخضراء" من الناحية القانونية ليست اقليما وصحيح ان المؤسسات التي تدير خدماتها لا تشبه بهيكليتها مؤسسات الاقليم. لكنها اقليم والف اقليم من الناحية العملية. اقليم بسورها وجغرافيتها وخدماتها وامنها ومدارس اطفالها ووجوه نسائها المنعمة.فان كانت الأقاليم نقمة على العراق لا يرتضيها رئيس الوزراء حرصا منه على وحدة الوطن ونشر العدالة بين ابنائه، كما يقول، فلم لا يبدأ بنفسه ويردم حدود اقليم المنطقة الخضراء ليثبت بالفعل لا بالقول انه ضد الفدرالية، كما فعل من ارسل اولاده لمدارس العامة او ذلك الذي شرب من ماء الحنفية؟ان الذي يده في الماء ليس مثل الذي يده بالنار، كما يقول المثل. ولو خرجت الحكومة من الخضراء وعاشت بين الناس ربما سيكون لها رأي آخر بالفدرالية.
سلاما ياعراق :إقليم المنطقة الخضراء
نشر في: 1 نوفمبر, 2011: 09:05 م