بغداد / وائل نعمة حشر صديقي في منزله الصغير بمدينة مالمو السويدية التي يجتمع فيها معظم العراقيين لمدة نصف ساعة . وكان قد ترك البلاد بعد عام 2003 ، حين فرغت شوارعها من المارة، واستحوذ "الحواسم " على أبنية فخمة ومستودعات الاغذية والأثاث والسلاح، وصار العنف منظرا سائدا. لم أدرك كلماته إلا بعد سنوات حين قال " البلاد ستغفو في أعوام من القتال والسرقة ".
بالمدينة الاسكندينافية الباردة قام صديقي بوضع نظام الكتروني يتحكم بكل مفاصل البيت من الفرن والستائر حتى باب "الكراج"، عبر "الريموت كنترول". في ذلك الصباح المثلج استيقظ بعد ان هدأت عاصفة ثلجية ظلت ساهرة طوال الليل لتقطع اسلاك الكهرباء وتسقط بعض الاعمدة ، حينها لم يستطع الخروج من البيت لان الكهرباء لم تكن موجودة والمنزل مسيطر عليه الكترونيا ، فاضطر مرغما الى انتظارها لنصف ساعة!تذكرت كلامه وانا استمع لحديث وزير الكهرباء الجديد بعد سلسلة الإقالات والاستقالات والصفقات المريبة في هذه الوزارة "المنحوسة". حيث أكدت وزارة الكهرباء، امس الاول الاثنين، بأنها ستحاسب بشدة من يهدر ميغا واطا واحدا من الطاقة الكهربائية الوطنية، مشيرة إلى أن تجهيز الكهرباء وصل إلى أكثر من 12 ساعة يوميا.وقال وزير الكهرباء كريم عفتان في بيان، صدر امس ، وتلقت "المدى " نسخة منه إن "الوزارة حددت بعض النقاط للنهوض بمنظومة الكهرباء الوطنية، منها السيطرة على عملية النقل بالكامل وتقليل الضياعات ومتابعة مراكز السيطرة على الأحمال وضبط الترددات"، مؤكدا على "المحاسبة الشديدة لمن يقوم بتضييع ميغا واط واحد من المنظومة الوطنية الكهربائية وبدون إنذار".وأوضح عفتان أن "تجهيز الكهرباء وصل إلى مستوى مناسب تجاوز 12 ساعة يوميا"، مشددا على ضرورة "تحقيق العدالة في بناء المحطات وتوزيعها وفقاً لنسبة الطلب ومعادلته بكميات الإنتاج".وأكد الوزير "ضرورة عمل جميع الوحدات التوليدية بكامل طاقتها خلال الصيف المقبل"، لافتا إلى أن "الوزارة ستلبي جميع الاحتياجات من قطع الغيار والمواد الداخلة في إعمال صيانة وتأهيل المحطات الكهربائية".وعلى ما يبدو ان الوزارة اختارت التوقيت المناسب لإطلاق هذه التصريحات . " انها الفترة الذهبية،فالاستهلاك في اضعف حالاته". يقول سعد باسم (29عاما) في اشارة منه الى تصريحات "الكهرباء " ، ويضيف : من المؤكد ان الجو المعتدل هو ما ساعد الوزير على كلامه ، فمن غير المعقول الا تتمكن الوزارة من توفير 12 ساعة فيما المستهلك لا يشغل التكييف ولا يستخدم التدفئة ، لأننا وببساطة في بداية فصل الشتاء".بالمقابل يشكك بعض الاهالي من منطقة الصدر بكلام الوزارة . " لم ارها منذ 8 سنوات وهي تستقر في بيتنا لمدة 12 ساعة ". يتحدث الرجل العامل في محل البقالة بمنطقة الكرادة وهو يضع بعض الفواكه في الميزان، ويقول " في احسن الاحوال لا يبقى التيار محافظا على رباطة جأشه اكثر من ثماني ساعات ".لا نريد ان نقلل من مدى مصداقية حديث الوزير عن ساعات التجهيز، ولكن هناك من يرى ان تعثر استمرار التيار الكهربائي يقع على عاتق المحولات والاسلاك القديمة. فيشير الكهربائي حيدر كريم (30 عاما ) الى احد المحولات في منطقة بغداد الجديدة التي احدثت بقعة زيت على جوانبها ، مؤكدا " مدة صلاحيتها انتهت ويجب تغيرها ، ولكن عمال الكهرباء لا يخرجون الا برشوة ". الاسلاك الكهربائية المتشابكة والمكشوف بعضها، هي الاخرى تشارك في هدر التيار .وكانت قد وعدت وزارة الكهرباء ، بتوفير 8 ساعات من الطاقة الكهربائية للمواطنين خلال الصيف الماضي، مؤكدة أن هذا الموسم ( الصيف الأخير) سيشهد نهاية معاناة المواطنين من انقطاع التيار.لكن هذا لم يحصل ،وخرج الوزير بفضيحة " الشركات الوهمية " .فيما أثار تصريح وزير المالية رافع العيساوي ، الذي اكد فيه أن المبالغ التي أنفقت على الطاقة الكهربائية في العراق منذ 2003 تكفي لشراء شقة تمليك مؤثثة في منتجعات أوروبا الفخمة لكل عائلة عراقية. أوضح الوزير أن 80 مليار دولار هو ما أنفقه العراقيون بالإضافة الى 27 مليار دولار انفقتها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 .
مواطنون: الكهرباء تستغل "اعتدال الجو " لإطلاق تصريحاتها المحمومة

نشر في: 1 نوفمبر, 2011: 09:40 م