TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين :هل تراجع المالكي؟

عين :هل تراجع المالكي؟

نشر في: 1 نوفمبر, 2011: 10:01 م

 عبد الخالق كيطان عقب لقاء السيّد رئيس مجلس الوزراء عدداً من وجوه محافظة صلاح الدين ورؤساء عشائرها صرّح مصدر في مجلس الوزراء لوكالة أنباء محلية بالقول أن المالكي "طالب بإعادة النظر في ملفات الأشخاص الذين تم اعتقالهم من المحافظة مؤخرا، وتباحث معه في قضية اجتثاث عدد من التدريسيين في جامعة تكريت، وقضية استملاك الدور المجاورة لمرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء التابعة للمحافظة".
خبر من هذا النوع بالنسبة لي لا يحتمل سوى تفسير واحد مفاده: إن السيّد رئيس مجلس الوزراء تراجع عن مواقفه المتصلّبة التي كان قد بدأها في الأسبوع الماضي بخصوص ملف الاعتقالات والـ"المؤامرة البعثية"، واعتقال ضباط من الجيش السابق، ناهيك عن قصة استملاك الأراضي المحيطة بمرقدي الإمامين في سامراء. أما البحث عن تفسير آخر فهو أمر يشبه اللعب بالبيضة والحجر.كان السيّد المالكي قد اتهم مجلس محافظة صلاح الدين بالطائفية، وبكون المحافظة صارت وكراً للـ"بعثيين" وكذلك لإرهاب القاعدة، أما أن يطلب السيّد رئيس الوزراء مراجعة ما حصل من اجتثاث واعتقال فليس له سوى قراءة واحدة مفادها أن السيّد المالكي قد تراجع، وتراجعه أمر محمود ولاشك، فلسنا في وارد البحث عن مسبّبات للتصعيد بين الأطياف. والتصعيد قد بدأ بعد الحملة التي اعتقل فيها المئات واجتثّ فيها العشرات. لا يمكن أن نتخيل حرب التصريحات التي استعرت. لقد وصلنا في اليومين الماضيين إلى حتمية مفادها أن المحافظات ذات الأغلبية السنية ستقود "عصياناً" شاملاً ضد الإجراءات الحكومية. وبالمقابل، فإن التحالف "الشيعي" بدا وكأنه ذاهب بالفعل لمجاراة التصعيد في المواقف عبر المؤتمر الصحفي الذي أعلنت فيه قيادات هذا التحالف عن دعمها لإجراءات الحكومة ووزارة التعليم العالي في الاعتقال والاجتثاث.والأمر في العراق ليس مزحة. أن يبدأ تصعيد ما من هذا الطرف أو ذاك معناه أن دماً سيملأ الشوارع. نحن لسنا في جينيف حتى يكون تصعيد الكتل السياسية ضد بعضها البعض يقود إلى إصلاح من نوع ما في المشروع السياسي وخطة الممسكين بالسلطة. الأمر في العراق محصور في ثنائية: تصريحات تؤدي إلى احتقان يؤدي إلى دم. لقد جربنا هذه المعادلة لسنوات، وآن لنا، أو لسياسيينا على وجه الدقة، أن يبحثوا عن معادلة أخرى تقود إلى السلام الأهلي الحقيقي لا الشعاراتي.ليس عيباً أن يتراجع السياسي عندما يرى أنه أخطأ في أمر ما، بل العيب كلّ العيب في أن يتمسّك هذا السياسي بمواقفه حتى وهو يرى أن ثمنها المزيد من الدماء. لا أفهم كيف يمكن أن يكون القائد الفلاني رجل دولة وهو يسمح أن تسيل الدماء أيام ولايته، وفي عهده؟ في الحقيقة أن الدم العراقي رخيص بالفعل لعشرات ممّن انتخبناهم لقيادة بلادنا. ولولا أن هؤلاء يعوّلون كثيراً على جهلنا وأميّتنا لما استمرأوا ما هم فيه من نفاق وخداع ودجل، بل وتشبّث بالكراسي "حد كطع النفس".الأيام السابقة كانت مخيفة جداً، وأكرّر في هذه المناسبة القول، ما لم يسارع حكماء هذه البلاد إلى تبريد الأوضاع بين الفرقاء، وما لم يبدأوا فوراً بعلاج الآثار الجانبية لإجراءاتهم وتصريحاتهم، فإن البلاد ذاهبة بالفعل إلى ما لا يحمد عقباه. ولأن أغلبنا يائس من قدرة الساسة على عمل شيء مفيد في هذا المجال، فإن الدعوة مفتوحة للفعاليات الشعبية العراقية بأن تأخذ المبادرة في نقلنا من حال الاحتراب إلى حال السلم الأهلي المنشود. أتمنى أن يكون السيّد نوري المالكي قد تراجع بالفعل عن إجراءات الأسبوعين الماضيين حرصاً على مصلحة البلاد..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram