TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة :فداحة الأسئلة

على هامش الصراحة :فداحة الأسئلة

نشر في: 2 نوفمبر, 2011: 06:18 م

 إحسان شمران الياسري أحياناً، يستهوينا المصطلح، أو الكلمة، وحتى حروف الجر.. ويشرح صديقي، لتضخيم قوة الوصف والدلالة، عن حرف الجر (في) قول ربّ العزة عن صَلب فرعون للمؤمنين (في جذوع النخل)، ولماذا لم يقل (على جذوع النخل) وظل يشرح لي بفمه ويديه وحواجبه من بغداد إلى أن دخلنا حدود بلدية الموصل، وكنت مضطراً للموافقة على كل الأسئلة التي كان أغلبها، وبعد كل تحليل وتفسير (مو تمام مولاي؟)، إلى أن (طلعت روحي) وصارحته (وروح أبوك أبو زيد ما إفتهمت شي)..
وعندها قال مذهولاً (الله يخليك مولاي، صار ساعتين أسولف عليمن؟!..) وهكذا تجدني (أحياناً) آخذ من المصطلح عنوان مقالتي وموضوعها. وقد شغلني مصطلح (فداحة)، و(فادح) فتوالت عندي الخواطر والأفكار، وتردد العنوان على خاطري نحو أسبوع، حتى إنني قلت لابنتي معاتباً (يا بابا الچاي ما فادح) وأنا أقصد إنه (ما خادر).. وفي كل واحد منّا أسئلة لا نهاية لها.. بعضها سهل، وبعضها صعب.. وبعضها قوي أو خطير. وقوة الأسئلة، أو فداحتها تسرق النوم منّا، إذ لم يَعُدْ من يُجيب عنها.. وما أن يصدر السؤال (فادحاً)، حتى يتوارى كل من نتوقع منه الإجابة، بل ويلعب البعض معنا، فيجعلنا نخلق الأسئلة، أو (تتوالد) فلا من مجيب.. حيرتني الأسئلة، وحار صدري في حجم الذنوب التي ارتكبتها أُمتنا كي لا يجيب عن أسئلتها أحد.. هل صحيح إننا بصدد تقسيم العراق.. وهل هو البلد القابل للقسمة والاقتسام.. وهل يصلح دجلة للتقسيم.. ويستحيل الفرات يباباً بعد خمسين فرسخاً من دخوله الأرض العراقية.. ربما نحن لم نعتد على حفظ الأسئلة في الصدور، فلا تقتلنا الأسئلة إذ هي تصدر حال صيرورتها، ولكن بعد حين، إذ لا تُجاب كما ينبغي، تأخذ بالتواري عن حدود النطاق المتاح لها للانطلاق، فتسقط في قرارة الصدور مثل ماء غدير تجمد في فجر بارد. إننا في حضرة الأسئلة الفادحة، نتناسى الأسئلة الأخرى.. وحتى تلك، عندما يمضي الزمان عليها، تصبح أفدح من ذي قبل.. فلم تعد قضية الخدمات التي نوعد بها منذ أن جابت خيل الفاتحين أراضينا، مُجرد أسئلة صعبة، بل (فرّخت) مئات الأسئلة.. ويبقى من الصعب أن ننسى إننا لم يُكترث بنا.. حتى إن (عدم الاكتراث) صار سؤالاً فادحاً..إننا نقف عند الذروة، مع الأسئلة ولكننا لا نجد أجوبتها في القاع.. هل يقتضينا إقامة مهرجان للأسئلة الفادحة، وندعو اليه الكبار ممن يتناوبون الصمت عنها؟!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram