TOP

جريدة المدى > سينما > غموض يكتنف تفاصيل حياتها..عندما تعيش المرأة بين القمامة!

غموض يكتنف تفاصيل حياتها..عندما تعيش المرأة بين القمامة!

نشر في: 2 نوفمبر, 2011: 07:38 م

هي مهنة ليست ككل المهن، هي عنوان للقمة الخبز المصطبغة ببقايا النفايات والروائح المقيتة التي التفت حول كل شيء حتى أجسادهن، فبين أكوام النفايات والأتربة تكسب هؤلاء النسوة لقمة العيش ليبلغ عندهن اليأس مداه وتتفوق معاناتهن على الوصف.. إنهن نساء وفتيات اخترن مهنة "جمع القمامة" في أماكن الطمر الصحي. تلك المهنة الأصعب، ونتساءل، لماذا وكيف ... نتابع في هذا التحقيق بين أكوام القمامة والروائح الخانقة.
إن عمل نساء في مهن تجبرهم على التعب الجسدي، هو أمر طبيعي في ظل الواقع المأساوي الذي تعيشه أغلب الأسر العراقية، وتحديداً بعد فقدان المعيل من جراء التصدعات الأمنية وعمليات القتل والتهجير، لكن أن تعمل هؤلاء النسوة في مهن هي أقرب ما تكون قاتلة، لأنها تهدد حياتهن الصحية بالخطر بسبب الأجواء الملوثة وفقدان الكثير من الاحتياجات الطبيعية، فهو قتل، بامتياز.عصب الحياة بين النفاياتهناك حيث المصير المجهول الذي يتلقف فتيات ونساء، فهنّ الشريحة الأكبر التي تعتبر عصب الحياة في أماكن الطمر الصحي..غرقت نظراتها الحزينة وبعد طول تأمل قالت: أنا أجمع بقايا الطعام من أكوام القمامة هذه.. سناء وزينب وسليمة وصبيحة وغيرهن العشرات، نساء يعشن في قبضة الظلم والحرمان والفقر لسن كالنساء الباقيات، بل آثرن أن تكون تفاصيل حياتهن اليومية بين النفايات!.. ولا تخفي سميرة عبود في العقد الثالث من عمرها .. أن مهمتها أن تجمع ما يمكن أن يباع من بين النفايات في أماكن جمع القمامة (الطمر الصحي). كاشفة أن موعد حضورها اليومي إلى هذا المكان ثابت تقريبا. حيث تصل في الساعة الخامسة فجراً ولا تغادر المكان قبل الثانية ظهراً... وتلفت إلى أن عملها اليومي لا يتغير، وبينما هي منشغلة في جمع قناني الماء الفارغة تقول: النساء العاملات في جمع القمامة، لا يشعرن بأنهن نساء، فهن في حالة سعي دائم وراء القمامة، لتوفير لقمة العيش.لا أشعر بأنني إنسانومن الصعب التخمين كيف يمكن أن تعيش هؤلاء النسوة حياتهن، ولكننا حتماً نستطيع الوصول إلى فكرة واضحة تعزز لجوءهن للعمل بين النفايات، عندما نفترض أن الحياة أجبرتهن على تحمل كل شيء، إلى حد التنازل عن أبسط معانيها الإنسانية. فأم علي هي الأخرى من النساء العاملات في الطمر الصحي، وعلى الرغم من اعترافها بأنها تعيش مع زوجها حياة هادئة، إلا أنها تؤكد بأنها عندما تزوجته فرض عليها الخروج معه للعمل في هذه المهنة، فتعلق قائلة في البداية رفضت، ولكنه هددني بأنه سيتزوج عليّ من امرأة أخرى تساعده في عمله هذا. وتضيف: بصراحة أنا لا أحب العمل في جمع القمامة، لأنني لا أشعر بأنني إنسان.  ظاهرة خطيرةثمة غموض يكتنف حياة هؤلاء النسوة، فحياتهن هذه خطيرة جداً، لأنها تدل على معاناتهن في توفير المال، وأغلبهن تقع على عاتقهن هذه المسؤولية رغم أن البعض منهم متزوجات، كما أنهن يسكن في بيوت مصنوعة من الطين والصفيح بين النفايات، وهذه البقعة من الأرض أكثر تعرضاً لضغوط  الفقر المدقع، وأشد تلوثاً بيئياً.. من جهتها أشرت سعدية فليح ظاهرة خطيرة بالقول: أن الكثير من النساء العاملات في أماكن الطمر الصحي لجمع القمامة أصبن بأمراض وإصابات خطيرة، البعض منهن فارق الحياة على أثر حوادث الدهس التي تحصل عندما يسارع الجميع في التجمع خلف مركبات جمع النفايات، ولأن الجميع يتزاحم من أجل الحصول على غنيمة ما، يتناسى أن هناك مركبة تتحرك، فتحصل حوادث دهس، ناهيك عن الأجواء التي تعيش فيها هؤلاء النسوة وهن يتنفسن مختلف الروائح الخانقة، إضافة إلى أن الكثير منهن يبحثن عن بقايا الطعام بين القمامة لتوفير وجبة غداء أو عشاء لأطفالهن. تقوم بإرضاع طفلها خلف أكوام القمامةالأمر المأسوي في حياة البعض من هؤلاء النسوة، أن تشاهد إحداهن وهي منزوية في مكان ما خلف أكوام النفايات، بعيدا عن الأنظار تقوم بإرضاع طفلها وهو في أحضانها، وبعد أن ينام، تتركه في نفس المكان وتهم بالرجوع إلى عملها في جمع النفايات، وعندما تسألها عن خطورة هذا الأمر ترد عليك بالقول: أنه طفل رضيع، أين أتركه، سيموت جوعاً إن تركته، وليس لدي أحد يهتم به، لذلك آثرت اصطحابه معي إلى هنا.   وقد لا نصدق أن الجهد الذي تبذله هؤلاء النسوة والفتيات لا يعدل مدخولاته المالية .. حيث أكدت منيرة جاسم في العقد الرابع من عمرها، أنها تقوم بجمع المواد الصلبة كالمعادن وأواني – الفافون - وغيرها منذ الصباح وحتى المساء، وتعبئتها في أكياس كبيرة وبيعها بمبلغ لا يتجاوز (6000) آلاف دينار عراقي، مشيرة إلى أن هذا المبلغ لا يكفي احتياجات أسرتها اليومية.العيش كالنساء الباقياتتعرف النساء العاملات في جمع النفايات أنهن يعشن حياة القلق والتصدع والهشاشة وشريطاً متواصل الحلقات من الفوضى والخراب، وهو ما أشارت إليه الناشطة بحقوق الإنسان نهلة جبر والتي أكدت أن الحياة التي تعيش تفاصيلها هذه النسوة هي حياة خطيرة، وتداعيات خطورتها تكمن في إنسانيتهن المعطلة، ناهيك عن شعورهن بالقهر والدونية بسبب عدم استطاعتهن، العيش كالنساء الباقيات، الأمر الذي يستدعي الالتفات إليهنَّ والبحث عن معاناتهن وتوفير فرص عمل مناسبة لهن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram