  بغداد / وائل نعمة الجواب الذي تحصل عليه حين تسأل عن "السينما " في بغداد : هناك دور للعرض ، ولكنها ليست ذلك النوع من الأماكن التي تسمح بأن تأخذ عائلتك إليها ....إذا كنتم تعرفون ما أعنيه"! الكثير من السينمات في العاصمة مغلقة بأزواج من المصاريع الصلبة الصدئة ، نسمع وراءها رنة مطرقة "الحداد " في أزقة تغطيها الأوساخ ومخلفات الحديد.
 صاح رجل قصير وبدين مع شعر رمادي وشارب كثيف يجلس على كرسي اعرج  خارج سينما "......." ، ويلعب بسلسلة من الخرز تتساقط بلوراتها ببطء ، كتلك التي تستخدم  في الصلاة،وخلف رأسه بقايا ملصقات افلام  ، بعض حركات "الكراتية" لبروسلي  ، وملصق لفيلم هوليوود من بطولة بروك شيلدز .قدم نفسه باسم "سمير". وأشار إلى أن نذهب الى الداخل ونتحدث عن اي شيء نريد معرفته، مصرا على انه لا يعرض أفلاما إباحية تحت أي ظرف من الظروف.قادنا من خلال الممر الذي نفثت منه رائحة كريهة بسبب "التبول"، كانت أبواب القاعة لا تزال مفتوحة، وكان هناك حوالي 20 رجلا في قاعة تضم  400  مقعد، تعلوهم سحابة من دخان السجائر ، وعلى الرغم من ان جدران الصالة كانت متهالكة ، إلا أنها غطيت بستارة حمراء لتعطي جوا مختلفا . وكان من المستحيل معرفة أي نوع من الأفلام كان يعرض  ولكن رد فعل الجمهور كان يقول "إن على الشاشة علامات "الفن " الأبيض الممتلئ" !!  عندما انتقدنا الوضع ، قال الرجل الذي يقطع "التذاكر" الرجاء مغادرة المكان ، أو أننا سوف نفقد جميع زبائننا".بعد 2003 امتلأت معظم سينمات العاصمة بأفلام لم يكن من المعقول عرضها في فترة حكم "صدام " ، وكان الخيار الوحيد هو الفيلم "التركي " ذو الألوان الفاتحة ،وعلى الرغم من أن هذه الأفلام في معظمها قديمة جدا بالمقارنة مع ما يتم عرضه في دول الجوار الا انها كانت تجتذب عددا من المشاهدين.احد العاملين في سينما النجاح يؤكد ان "صدام كان يتحكم في عرض جميع الأفلام عن وزارة الإعلام ، وأما الان وبغياب الوزارة فقد خلقت وضعا فضفاضاً" ، و"محمد" الذي يعمل في السينمات منذ أكثر من ثلاثين عاما يقول "يمكن أن يظهر اي نوع من الأفلام الآن ، وإن كان هناك بعض من  الأفلام الرومانسية التي قد أظهرت بعض الأجزاء "الممنوعة " ، ولكن الآن يمكن ان ترى الصفقة برمتها " .يشير مدير دائرة السينما والمسرح شفيق المهدي الى  ان المشكلة ليست في أبنية دور العرض فقط بل في إمكانية وصول العوائل الى السينما، ويوضح في حديثه لـ"المدى": في حالة توفر عرض سينمائي فأن الجمهور لن يكون مهيئا له، لان العروض دائما ترتبط بالمساء والعوائل لا تستطيع أن تأتي في ذلك الوقت ،وان وصلت فإنها تفكر في طريقة رجوعها. أما الأبنية فلا نعرف من المسؤول عن تحويلها الى مخازن وورش نجارة!.وكانت اكثر دور العرض قد تحولت الى مخازن ومعارض للألمنيوم ، واختفت ملامح اخريات ، ولم يبق غير ثلاث او أربع دور عرض تعمل بخجل . الى ذلك اكد وكيل وزارة الثقافة طاهر الحمود عزم الوزارة على اعادة تأهيل دور العرض السينمائية في بغداد ضمن خططها للعام المقبل لاعادة الحياة للسينما العراقية.وذكر بيان لمكتب الحمود تلقت المدى نسخة منه خلال لقائه المخرج السينمائي المعروف محمد شكري جميل والفنانة فاطمة الربيعي انه " جرت مناقشة واقع السينما في العراق والصعوبات التي تواجه المنتجين والمخرجين السينمائيين للنهوض بها من حالة السبات التي تعيشه منذ سنوات".واكد الحمود على " ضرورة ايجاد الخطط الكفيلة لانتشال السينما العراقية من واقعها الحالي والاهتمام الجدي بها " , مشددا على إن " السينما اصبحت اليوم صناعة متكاملة ومشروعا اقتصاديا يدر ارباحا من ناحية التسويق وتوفير فرص العمل للفنانين وغيرهم" .واشار الى إن " هنالك بلدانا اشتهرت بثقافتها وحضارتها من خلال مشاركات سينمائية عالمية متميزة , كما ان هنالك بلدانا لا تمتلك مقومات انتاج الافلام السينمائية , لكنها نجحت في احتضان مهرجانات كبرى على المستوى الدولي".واوضح الحمود إن " وزارة الثقافة  انطلقت من هذا المبدأ لإنشاء دور اوبرا في بغداد والبصرة ليكون العراق جاهزا لاحتضان مهرجانات عالمية كبرى يستعيد من خلالها الدور الريادي للفن والسينما العراقية".وبين إن " الوزارة وضمن استعداداتها لمهرجان اختيار بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013 ستعمل على إنتاج أفلام سينمائية تعكس صورة الإبداع الفني العراقي".