TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: عرض حال..عرضحال

السطور الأخيرة: عرض حال..عرضحال

نشر في: 2 نوفمبر, 2011: 08:53 م

 ســــلام خــــياط أنا العراقي ابن العراقي حفيد العراقي (ص.هاء.ع) متقاعد قبل الأوان، دون عمل حاليا، جلست مساء أمس أنصت بكل جوارحي لندوة عرضتها إحدى الفضائيات تناولت شروط الطعام الصحي والتبذير الفاضح عند إعداد المائدة، كانت ضمن المشاركين سيدة -بدينة- شديدة الأناقة بدت في غاية الحماس لعرض وجهة نظرها الصائبة لتأمين أعلى إنتاجية للمواطن العامل، كنت طوال الندوة أرمق أولادي الناحلين ثم أتحسس نبضي للتأكد إنني لست بميت ولم يصبني خبال حتى الآن..
 ملخصا ما جاء في الندوة: إن نصف الطعام الذي نتناوله يوميا، ينبغي رميه في صناديق القمامة، لماذا؟؟ لأن معظمه فقد خواصه الغذائية، سواء في طريقة طهيه أو تحضيره أو حفظه. المجمد منه يفقد نصف خواصه الغذائية إذا ما أذيب ُثم أعيد تجميده، كذلك الساخن إذا ما برد وأعيد تسخينه، وإن أغلب الخضراوات تفسد عند تعرضها للحرارة العالية جدا أو الواطئة جدا عند الطهي، كما إن الفاكهة الطازجة حديثة القطاف ليست بذات مزايا الفواكه القديمة المتعطنة... قالت السيدة الأنيقة وقرطها يترنح بغنج تحت ربطتها الحريرية الشفافة: ينبغي على الفرد تناول بيضتين أو ثلاث في الأسبوع، ومن اللحم الأحمر مرتين، ومن اللحوم البيضاء_سمك ودجاج_ مرتين ومن الحليب الطازج ومنتجاته كل يوم،،، ولا بأس بقليل من الحلوى!!تصوروا: لحوم وبيض ودجاج وسمك وفواكه وخضراوات وحلوى؟! ياه.حسبت حسابي.. أنا وزوجتي ويافعان وصبيّة، وأم زوجتي التي تزورنا في الشهر ثلاثين يوما للاطمئنان علينا، لن أزعجكم بلعبة الحساب البغيضة، ولكن قسما عظما. أننا لا ينوشنا مذاق اللحم -ربع كيلو- إلا بالشهر مرة وقد ننعم بأكلة دجاج كل شهرين وحصتنا من الفواكه، حديثة القطاف كعشم إبليس بالجنة، راتبي التقاعدي الشهري أقل من ورقتين خضراوتين أدفع إيجار بيت متصدع، ألغيت منذ زمن اشتراك المولدة الكهربائية، قننت حساب كارد الهاتف النقال إلا للضرورات القصوى، و....و..فماذا يتبقى لنا للكسوة -من البالات-والدواء والنقل وطلبات الأولاد اليافعين.. والله والله لو إني أطعمت عائلتي لحما في الأسبوع مرة لما استطعت، وآه من سيدة الندوة المترفة ذات الأسورة والأقراط اللامعة، تلك التي أنحت باللائمة على الذين لا يحرصون على تناول الطعام الصحي ويرمون الفضالة في صناديق القمامة، كم عددهم ما نسبتهم قياسا للجموع.. التي  تتضور من العوز والحاجة؟ لا أخجل من عرض عاهتي المادية، فجل طعامنا من الخبز والتمر، أو الخبز والجبن أو الخبز مغموسا بالخبز، حديث المشاركين بالندوة جرح إنسانيتي وأقض مضجعي، قمت في الهزيع الأخير من الليل لأكتب، وسأظل اكتب إلى أن تنكسف الشمس وينخسف القمر.. تململت أبنتي الصبية في منامها. هل طلع الصبح؟ همس لصحوتها قلبي: لم يحن موعد المدرسة بعد يا حلوة، لكن صبحك آت لا محالة، وإنه لقريب أقرب إليك من حبل الوريد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram