اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الزحام .. ظاهرة لاتريد ان تفارق شوارع بغداد

الزحام .. ظاهرة لاتريد ان تفارق شوارع بغداد

نشر في: 4 نوفمبر, 2011: 07:16 م

 بغداد/ وائل نعمةفي مدينة تعانق أكياس النفايات فيها الأسلاك الشائكة، وتختفي ملامح الرصيف عن الشارع لمصلحة البسطيات والشركات التركية التي قررت قلعه مجددا، تكثر الحفريات وبرك المياه  ، وإغلاق الشوارع بالصخور الكونكريتية.
 يقارب عدد سكانها السبعة ملايين فرد، في طرق لم تتغير منذ عقود، بل زادت ضيقاً وإهمالاً، وانحشرت السيارات مع بعضها في علاقة حميمية تتمنّاها لقادة السياسة ونواب الشعب  الحجاج ! تبدو فيها حركة المرور (المعقدة) أقل من هموم سكانها المتراكمة.في بغداد ظل الزئبق يتناقص ليشير إلى معدلات درجات حرارة منخفضة ، عله يبرد نار البغداديين التي اشتعلت في زحام حركة المرور في المدينة التي لا ينتهي فيها طابور العجلات المصطفة ، حتى يجدون أنفسهم بشتم نقاط التفتيش الأمنية التي تسبب لهم الاختناق ، والعنف الذي يجعل هذه الحواجز الصامتة ضرورية.rn"أول مرة جلست في مقعد الراكب ، قمت من دون وعي بربط حزام مقعدي". في لهجة حريصة قال السائق : "ماذا تفعل؟ إنهم سوف يعرفون بأنك أجنبي." كنت عائدا مؤخرا من إحدى الدول الأوروبية  لاستقر مرة أخرى في وطني .أين أنا ؟الآن أجد نفسي على الطرق حيث حركة المرور لا تعرف القواعد أو اللوائح ، بغداد اشتهرت بالاختناقات المرورية - كما أرى -  والغضب عند السائق أصبح هو القاعدة. "في البداية ، في محاولة لتهدئة الأمور نصحت  السائق ليفسح الطريق أمام سيارة صفراء تحاول التسابق للخروج من عنق سيطرة" . استمع إلى مناشدتي للمرة الثالثة ، قال : على كلامك ،  سوف نصل غدا. "ابتلعت التوبيخ وقررت أن أبقى هادئا لبقية الرحلة".فجأة على الطريق المزدحم ركض طفل صغير يتجنب بحركاته البهلوانية اصطدامه بالسيارات ،وهو يحمل قناني ماء صغيرة ويتجه عكس السير. اخرج صاحب التاكسي يده من النافذة وناوله النقود وتسلم الماء بحركة رياضية رشيقة ، وددت لو جربتها يوميا !هؤلاء الأطفال يجعلون من المرور اعقد حينما يعترضون طريق العجلات ببيعهم "خرق ملونة " تستخدم لمسح زجاج السيارات، أو لعب بلاستيكية تشبه الضفادع. فضلا عن المشاة الذين يختارون اشتعال اللون الأخضر في إشارات المرور الحديثة ليقاطعوا سير العجلات. الآن نقاط التفتيش في بغداد، بدأت الشرطة تسعى لجعلها تبدو شبيهة أكثر بالمكاتب منها إلى الشارع ، وتزيين الجدران الكونكريتية المكدسة بالزهور البلاستيكية والمقاعد والكراسي. وعلى الرغم من أنني أدرك أن بلاد ما بين النهرين هي أرض الأنبياء والمعجزات إلا أن ما يمر أمامي من حافلة صغيرة مليئة بالركاب ،تتمايل بين السيارات  والمقود  بدون سائق ! وفي نهاية المطاف ، لاحظت وجود الرأس ، وبالكاد ظهرت من النافذة، فإنه لم يكن معجزة بعد كل هذا ، على ما يبدو ان السائق ( 15 عاما)  قرر تحمل المسؤولية بقيادة باص "كيا " ! وكانت لا تصدر في العراق تراخيص السائقين منذ  عام 2003 ، وبالتالي يمكن للقاصر التمتع بالقيادة في شوارع بغداد بسهولة . يشار إلى ان مديرية المرور مؤخرا بدأت بإصدار تراخيص القيادة ولكن رجال المرور لا يعيرون لها اهتماماً الى الان!عندما عبرت عن دهشتي إزاء تمايل السيارات في اجتياز الأخريات ، والعبور عبر الحواجز الرمادية، والطين الذين أحدثته "المطرة " الأخيرة، سألني السائق بأدب ، "هل تعرف كيفية القيادة؟". أجبته : "نعم". سألني  "هل لديك ترخيص؟".أجبته: "بالتأكيد" ... ضحك باستهزاء وقال: "يعني كنت لا تعرف الحصول على ترخيص هو وصمة عار ، وهو ما يعني هنا إن كنت لا تعرف كيف تقود سيارة".وكيف كان الحال ؟قبل عام 2003 لم يكن لدينا اختناقات مرورية في بغداد، ما عدا بعض المناطق مثل الشورجة. اليوم ،تم  خنق المدينة بأكملها. بسبب البلاطات الخرسانية والأسلاك الشائكة . يقول صاحب شاحنة صغيرة - ويقاطع كلامنا مرور قوافل من المركبات العسكرية أو كما تسمى (4 × 4) من كبار الشخصيات، المليئة بالمسلحين الذين دفعوا الجميع إلى الجانب - "أقضي ما يعدل نحو خمسة أيام كاملة من كل الشهر في حركة المرور المزدحمة".فيما حذر حسن مسلم، مدير قسم السيطرة على الأمراض الانتقالية من خطورة تزايد معدلات التسمم بسبب انطلاق مادة الرصاص الثقيلة الصادرة عن عوادم السيارات .مسلم يشدد على أن الوقوف لساعات طويلة بالقرب من السيارات التي تبعث "السموم " يشكل تهديدا على صحة الإنسان . مشيرا  إلى أن مادة الرصاص ثقيلة جدا وهي تدخل إما عن طريق الاستنشاق أو عن طريق الجهاز الهضمي بشكل مباشر، وخطورتها تكمن في الاستنشاق أو التعرض لها بجرعات قليلة وعلى أوقات طويلة. لافتا إلى أنها تصيب الجهاز الهضمي والعصبي وخصوصا عند الأطفال  كما تؤثر على الجهاز التناسلي خصوصا عند الذكور، وعلى النمو الطبيعي عند الأطفال، وأمراض فقر الدم. يضع قدمه خارج الباص أريد أن ارجع يوما إلى البيت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram