عامر صباح المرزوكبعد انقطاع دام أكثر من عشر سنوات يعود مهرجان منتدى المسرح التجريبي بحلة جديدة تغاير المهرجانات المسرحية التي شهدتها العاصمة بغداد في الآونة الأخيرة، من خلال انفتاح إدارة المهرجان متمثلة بدائرة السينما والمسرح على العروض المسرحية العالمية والعربية
ليكون هذا المهرجان مهرجاناً يجمع الثقافات المسرحية المتنوعة والاطلاع على التجارب المسرحية المهمة، إضافة إلى تجارب المسرحيين الشباب في العاصمة والمحافظات العراقية. ينتمي عرض مسرحية (بلاتو) - تأليف حسين جخيور وإخراج أكرم عصام وتجسيد علاء قحطان وأيمن جمال وعلا عماد - إلى المدارس المسرحية الحداثوية التي خرجت بما هو جديد وغادرت التقليدية التي سار عليها المسرح الكلاسيكي واصطبغت بها اغلب العروض التي بقيت ترواح في التقليدية والكلائشية ردحاً من الزمن. فكان منتجو عرض (بلاتو) مبدعين واعين طريقهم المسرحي فاهمين لعبتهم المسرحية التي تغوص في عوالم الإبداع والتجديد.اشتغل عرض (بلاتو) على ثيمة الانتظار هذه الثيمة التي ترتبط وتتشابك مع مسرح اللامعقول متمثلة في مسرحية (في انتظار كودو) لصموئيل بيكت، إضافة إلى تناصات بدت واضحة على ثيمة نص العرض الذي حمّله المؤلف رؤى فكرية واعية، والخروج بنص مسرحي راكز وبفكرة جديدة وبناء درامي مغاير، إذ نجد إحدى الشخصيات (علا عماد) تحرك عجلة الحبكة أثناء استمرار العرض المسرحي وكأن العرض المسرحي يتوقف ثم يستمر ثم تتغير مجريات الأحداث حسب ما تريد الشخصية/ المخرج، وهذا الاشتغال يذكرنا بتجربة المخرج المسرحي البولوني (تادووش كانتور) من خلال مسرحه (كريكوت) الذي ساهم في كسر الإيهام مع الممثل على خشبة المسرح، رابطاً دور المخرج بدور المشرف على طقس احتفالي أو كمشرف يراقب ويدُور العرض كما يشاء، بل أحياناً يعيد المشاهد بأكثر تركيز إثناء العرض وهذا ما تلمسناه في عرض (بلاتو)، لكن بإضافات جديدة تحسب لمنتجي العرض.تميزت السينوغرافيا بجو مغاير وكأنه أستوديو تسجيل أو غرفة انتظار الممثلين، وهناك عدد من أجهزة الإضاءة الأرضية وهي نفسها التي اشتغل عليها المخرج في العرض الرئيسي، فكان ذكياً في توظيف هذه الأجهزة في السينوغرافيا مرة، وفي التقنيات مرة أخرى، كتقنية مسرح داخل مسرح، لكن بطريقة مغايرة وغير تقليدية، وهو يجعل كل شخصية تقدم مشهداً على انفراد باللغة العامية، وهو يريد أن يقول الآن تحول العرض الرئيسي إلى عدة عروض، ثم يرجع الجو العام للعرض المسرحي، وهذه الأحداث والمتغيرات التي ظل العرض محافظاً عليها وهو ينتظر القادم/ الآتي، منذ مفتتح العرض حتى نهايته إذ يتجادل الممثلان على مجيئه من عدمه، وتبقى الشخصية المحركة هي الأخرى محافظة على نفس حيويتها وروحيتها أثناء مفاصل العرض من خلال الأصوات التي تهمهم بها متحكمة بإيقاع العرض. استغنى المخرج عن الموسيقى وهذا ما جعل الثقل الأساس على أداء الممثلين لكنهم استطاعوا أن يتمكنوا من أدواتهم الصوتية والجسدية متلائمة مع طبيعة العرض المسرحي الذي يتطلب الاسترخاء واللزوجة في خلق الملل المقصود والصمت والتكرار والهمهمات والأصوات والأفعال الغريبة.نبارك للمخرج الشاب أكرم عصام إنتاجه المسرحي الثاني ونشد على يده في الاستمرار والتواصل في عوالم المسرح الإبداعية، وخاصة انه مخرج مثقف يمتلك أدوات وحرفية ووعياً، ما يجعله يندرج مع المخرجين العراقيين الذين ستكون لهم بصمتهم في تاريخ المسرح العراقي.
ضمن عروض مهرجان منتدى المسرح التجريبي الـ16..ثيمة الانتظار في مسرحية(بلاتو)
نشر في: 11 نوفمبر, 2011: 07:16 م