TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فضاءات: الاستهلاك وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية

فضاءات: الاستهلاك وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية

نشر في: 11 نوفمبر, 2011: 07:25 م

 محمد عبد الأمير عبدهل تتفقون معي بأننا ننمي ثقافة الاستهلاك ونطورها ونتفنن في ذلك لدرجة باتت ظاهرة اجتماعية واقتصادية في نفس الوقت ؟إن انتشار الثقافة الاستهلاكية قد أوجد أيديولوجية استهلاك، قوامها النظر إلى الاستهلاك كهدف في حد ذاته وربطه بأسلوب الحياة، وبأشكال التميز الاجتماعي، الأمر الذي جعل الناس يتدافعون نحو الاستهلاك بغض النظر عن حاجاتهم الفعلية.
لقد أصبح الأفراد في ظلِّ أيديولوجيا الاستهلاك أكثر تأثُّراً بالآخرين وبمتغيرات السوق، ومن ثَمَّ تحولت ذواتهم تحت تأثير الاستهلاك المادي والمعنوي إلى ذوات خاضعة لا تملك من أمرها شيئاً، وصارت الجماعات الاجتماعية تسعى من خلال الاستهلاك إلى تأكيد وضعها الاجتماعي ومكانتها في المجتمع.ويؤدي الاستهلاك المفرط للبضائع والمنتجات إلى التأثير السلبي الكبير على عملية التنمية في البلدان النامية، فهو يتسبب بهدر الموارد المالية الموجودة لديها، رغم ندرتها أصلاً، واحتياجها الشديد له لإدامة حركة التنمية فيها.وقد تأثرت الشرائح الاجتماعية بعضها ببعض في نشر هذه الأنماط في عملية تقليد جماعية مؤثرين ببعضهم البعض الآخر. وأدى الاستمرار في عملية الاستهلاك المفرط إلى إيجاد رغبات ونزعات استهلاكية متوالية لدى هذه الشرائح، وما يتفق مع مصالح الشركات المنتجة للسلع والبضائع على حساب الفئات المستهلكة وبما أدى إلى استنزاف دخل هذه الفئات وتحويل أسواق الدول النامية وشرائحها الاستهلاكية إلى مجرد توابع وأسواق لتصريف البضائع. وباتت كثير من هذه الشعوب، في كثير من الحالات مجرد مستهلكين هامشيين يشكلون مصدراً جيداً للربح بصرف النظر عما ساهمت به هذه العملية من آثار سيئة على واقعهم الاقتصادي والاجتماعي وترسخت ظاهرة التبعية الاقتصادية للخارج وبما أثر سلباً على الصناعات الوطنية .وناقش مجموعة من المفكرين ظاهرة الاستهلاك والسلوك الاستهلاكي بما في ذلك آراء بعض المفكرين حول مقاومة الاستهلاك. فكانت مجموعة من المفكرين الفرنسيين شكلت تحليلاتهم وآراؤهم خميرة التحركات الطلابية الشهيرة في فرنسا عام 1968، ومازالت تلقى رواجاً واضحاً. ويرى هؤلاء المفكرون أن مجتمع الاستهلاك قائم على الزيف وتقديم السلعة في إطار أقرب للمسرحية والتمثيل والخداع، فهو يقدم المجتمع بصورة فرحة مثالية وليس بصورة مجتمع يقوم على قمع واستغلال الناس، وهذا بحد ذاته تحدٍّ كبير للثوريين الذين يدركون فساد هذا المجتمع. ومن تكتيكات هذا المجتمع الخطيرة أنه يتم اختراع الحاجات حتى قبل أن يتم اختراع المنتجات، فالمنتجون عبر الإعلان والإعلام ووسائل أخرى يوجدون عند الناس قناعة بحاجتهم إلى أشياء معينة لا يحتاجون اليها فعلياً، وهكذا يخلقون الحاجة إلى السلعة ثم ينتجون السلعة ذاتها. ومن التكتيكات الأخرى اختراع الاحتفالات والمناسبات والمهرجانات والأعياد المختلفة، وهناك أيضاً الاعتماد على نشر أكبر عدد ممكن من الفروع ومراكز توزيع السلع ، ما ينمي ثقافة الاستهلاك التي تكاد تكون السمة الأبرز في جدلية الاستهلاك والمستهلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram