وديع غزوانفي ضوء الوضع المأزوم والمتوتر الذي نعيشه يبدو قلقنا مشروعاً على روح العملية السياسية وحقيقة هويتها ، خاصة وان هنالك إشارات واضحة بات مطلقوها لا يخشون سترها ببراقع الدستور تنم عن توجه مخطط له للتفرد في اتخاذ القرارات الحساسة والرئيسة و الإمساك بمفاصل حيوية في السلطة التنفيذية . نتمنى ان نكون مخطئين في ما ذهبنا إليه وان تصوراتنا مبالغ فيها ، غير أن ما نسمع من تصريحات عن تخوين كل طرف للآخر يثير القلق
ومنها ما قاله رئيس الوزراء في مدينة كربلاء المقدسة عن مفهوم التوافق و علاقته بالدستور وهو غريب خاصة اذا علمنا ان جميع فرقاء العملية السياسية وغيرها أكدوا في اكثر من مناسبة اهمية التوافقات في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها البلد .. ارجعوا لتصريحات اي مسؤول ومن اي مكون لتجدوا آلاف الكلمات التي تمجد وتدعو الى التوافقات بين الكتل في ادارة الامور خاصة الحساسة . قد نتفق على ما اصاب مفهوم التوافق من تشويه في التطبيق والممارسة مثلما حصل مع الدستور الذي يرفع الجميع راية الالتزام به كونه ضرورة لكنهم لا يتورعون عن خرقه عندما يجدون انه لا ينسجم ومصالحهم وربما الامثلة على ذلك كثيرة ايضاً وابرزها الاتفاق على ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية قبل استقالة عادل عبد المهدي ، نقول قد نتفق على ما وضعته التوافقات من معرقلات في مسيرة بناء الدولة عندما حولوها الى محاصصة ، غير ان هذا لا يمنح الحق لاي من كان بتجاوزها لانها في هذه المرحلة لا تتماشى وتطلعاته التي نرجو ان يعاد النظر في بعضها وبما فيه مصلحة العراق ، التي نتفق جميعاً انها تحتاج الى طاقات وخبرات الجميع ، مواطنين وأحزابا وحركات من كان منهم مشاركاً في العملية السياسية ام لا ، لان تجاربنا اكدت عدم امكانية اي طرف مهما امتلك من امكانيات على نجاح قيادته البلد بمعزل عن الاخرين . لابأس ان يكون الاخر معارضاً في بعض التفاصيل ، فهذا يسهم في اغنائها وتقوية اسس عملية البناء واثرائها ، لكن من المهم ان يكون مؤمناً بالعملية السياسية واهمية تطويرها . ومع قلة وعينا عن دور المعارضة ، الا ان تجارب الدول التي سبقتنا في مجال التطبيق الديمقراطي اثبتت ان قوة اي نظام بإيمانه الحقيقي بالحريات والتداول السلمي للسلطة وتقبل الآخر . نعتقد ان البعض ربما دون قصد وهذا ما نتمناه ، يبتعد بسلوكياته عن روح العملية السياسية من خلال محاولاته سلب الآخرين حقهم بأداء الرأي بهذا الشكل او ذاك ، وتجربة جمع التحرير دليل على ذلك ، بما فيها جمعة أمس التي تلت العيد حيث انها وبرغم العدد المحدود من الحضور تذكرنا بتظاهرات ما قبل 2003في العراق وهو ما لا نريده لأنها صور طبق الاصل لتجمعات سلطوية جرت في المنطقة لم تحم اصحابها ولم تنفعهم . مطلوب اعادة نظر بمجمل الاوضاع والجلوس على طاولة نقاش يشترك فيها الجميع تكون خيمتها العراق للخروج بجملة توصيات تعرض لاحقاً على الشعب ليقول كلمته بشأنها .
كردستانيات: (التحرير) والعملية السياسية
نشر في: 11 نوفمبر, 2011: 07:44 م