ثامر الهيمص بعد أيام قلائل سيتم رفع الميزانية الى البرلمان للمصادقة عليها وهي أضخم ميزانية في تاريخ العراق، إذ تبلغ 112 مليار دولار وأنها تنسجم مع اتفاقيات صندوق النقد الدولي هذا ما تقوله وزارة المالية اذ وضعت الميزانية في قالب يصعب على البرلمانيين الخروج عنه من ناحية وكذلك تدخل وزارة التخطيط، وبموجب هذه الميزانية سيكون معدل دخل الفرد خمسة آلاف دولار.
ولكن الميزانية الاستثمارية تشكل 30 % من الميزانية العامة ، برغم كثرة الاستحقاقات الملحة جدا" جدا" لذلك سيكون دور التخطيط محدودا جدا" إذ لدينا مبلغ محدود واحتياجات كثيرة جدا". فمثلا" مطلوب خمسة آلاف مدرسة جديدة منها (495 طينية) لان المدارس ذات الهياكل الحديدية تآكلت قبل استعمالها ولإسكان حاجتنا على الأقل مليوني وحدة سكنية. ومشاكل الخدمات من الكهرباء والماء والصحة حيث لا زالت مناطق خارج الخدمة، ناهيك عن التصحر الزاحف وزواحفه وعشرات المعامل الحكومية التي تنتظر الفرج الاستثماري والتي من المفروض أن تعوضنا بضائعها عن خمسين مليار دينار استيراد أي تقربيا" نصف ميزانيتها الحالية، ولكن تراخيص النفط التي من المؤمل أن يستحوذ عليها الاعضاء الدائمون في مجلس الامن إضافة الى ايطاليا وهولندا فاننا في امان بحماية هؤلاء والمفروض أن تصبح التراخيص هي القاطرة للاستثمار الاجنبي والاقليمي، كما يزكي ميزانيتنا صندوق النقد الدولي، لا ندري هل هذا معوق للتخطيط الستراتيجي أم نتعامل مع هذه الحقائق والوقائع كما نتعامل مع الارهاب والفساد؟ وهل يستطيع المخطط أن يحدد ما يبلعه الطرفان أم يبقى محصورا في أقل من ثلث الميزانية الذي نحتاج عشرة اضعافه للمشاريع الستراتيجية المتوقفة على الاموال (الري والبزل والسدود، ميناء الفاو، الكهرباء، والمشاريع الخدمية عموما"؟) فهذه التحديات أمام المخطط وهو يواجه في الوقت نفسه الموجة الجديدة التي ستقلب المستحقات وهي موجة اللامركزية أو الفيدرالية حيث يرغب اعضاء مجالس المحافظات بميزانية عالية بحيث تغطي الامتيازات الجديدة التي يجب أن تكون مساوية لامتيازات اعضاء مجلس النواب.. ولا شك هذا رقم صعب يتضاعف كل اربع سنين حيث يتجمع الاوائل بالتقاعد ليأتي من بعدهم جيل متشوق. والتحدي الآخر هو صندوق الاجيال الذي حسب علمنا لازال فارغا" اذ ليس من المعقول أن تخطط له ولدينا عشرة ملايين تحت خط الفقر فهؤلاء اولى من الجيل القادم، هل نعزز التموينية أم نوزع دولارات النفط مباشرة ونضمن اصواتا" انتخابية ونختصر الطريق ونمتص الاحتقان كما تم امتصاص احتقان الكهرباء هذا الصيف لحد ما؟ إذن لدينا تحديات وهي المشاريع الستراتيجية يواكبها الفقر واتساعه وصندوق الاجيال ولكن التراخيص تبشـّر بخير عميم اقتصاديا" وأمنيا" وسياسيا". ألم تكن هذه القاعدة أي قاعدة التراخيص هي مَن ننطلق منها لنضع أولوياتنا بحيث تواكب انتاج النفط الناضب والغاز الواعد وتستمر عيوبنا المناطقية والطائفية والعنصرية؟ ولو أن المراهنة على ذلك يشوبها الكثير، ولكن هذا هو العصفور الذي باليد.
فضاءات :التخطيط والتراخيص
نشر في: 12 نوفمبر, 2011: 05:36 م