 عباس الغالبي ليست العبرة بالرقم الذي تستقر عنده الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2012، ولكن الأهم مسارات هذه الموازنة ولاسيما الشق الاستثماري منها، حيث تتجه المؤشرات الأولى للموازنة والتي أفصحت عنها مصادر من وزارة المالية أنها تتجه إلى زيادة المخصصات الاستثمارية وجعلها مقتربة أو أقل بقليل عن المخصصات التشغيلية، فضلاً عن دعم لقطاعات بعينها يظهر أن المخططين والقائمين على إعداد هذه الموازنة ذهبوا إلى أهمية وأولوية مشاريع في قطاعات اقتصادية بعينها.
ونرى أن الجدوى الاقتصادية الحقيقية من الموازنة الاستثمارية تكمن في طبيعة المشاريع ونوع الأولويات التي تضعها المؤسسات الحكومية التنفيذية لهذه الموازنة ونسب الانجاز وكفاءة التنفيذ وتخليص مسارات التنفيذ من حالات الفساد المالي والإداري التي تعج بها مؤسسات الدولة، كما لابد من التنويه إلى الإرادة الوطنية في التنفيذ والتي تعد غاية في الأهمية لإنجاز حيثيات الموازنة بشكل كفوء ومقتدر وخال من إرهاصات الفساد وضعف التنفيذ.حيث لابد للموازنة من أن تسير بشكل يتناغم مع الحاجات الملحة من المشاريع في القطاعات كافة مع ضرورة التركيز على القطاعات الإنتاجية لتنويع مصادر الدخل وفتح الآفاق أمام الموازنة بالاعتماد على مصادر دخل أخرى من غير النفط الذي يشكل النسبة الأعظم من وارداتها.كما أن مسارات الموازنة التي ستصطدم حتماً بالمناكفات السياسية والخلافات العقيمة والتي كانت العقبة الأهم والمستمرة أمام إقرارها سنوياً، حيث ستدخل في جدل عقيم بعيد عن الجوانب المهنية والفنية سينتهي كما هي العادة في مجلس النواب إلى صفقة توافقية يقولون عنها في مجلس النواب عادة إنها اتفاقات تمليها متطلبات المرحلة، في وقت يصفها المحللون والخبراء والمراقبون أنها مصالح سياسية لا تعير اهتماماً للمصالح العامة.ويبقى الباب مفتوحا أمام هذه الخلافات حتى في موازنة العام المقبل التي ستدخل حيز النقاش والإقرار في مجلس النواب خلال جلساته المقبلة انطلاقاً من الجو الملبد بالغيوم الذي يخيم على المشهد السياسي والخلافات العقيمة والجدل البيزنطي في القضايا كافة، حيث نرى أن ذلك سيلقي بظلاله حتما على مسارات النقاش والإقرار للموازنة، في وقت تنتظر المؤسسات الحكومية كافة هذه الموازنة للشروع بانجاز المشاريع المحددة سلفاً ولاسيما في الجانب الخدمي.ولا نريد هنا أن نثير حالة تشاؤمية لإقرار الموازنة بقدر ما أردنا أن نذكر بان مسارات الموازنة عادة ما تتلازم وتتأثر بالوضع السياسي القائم في وقت يفترض أن تنأى هذه الموازنة عن البعد السياسي وتسير في مسارات رحبة تودي إلى انجازات مهمة في القطاعات الاقتصادية والخدمية كافة من دون تأثيرات جانبية وأن يضع أعضاء مجلس النواب نصب أعينهم مصلحة المواطن ويتجهون إلى مناقشة فنية خالية من البعد السياسي وتضييق المطالبات غير الضرورية والتفكير جدياً بمسارات غير معقدة وسهلة التنفيذ.