عبد الخالق كيطانالسيد حسن السنيد، القيادي في دولة القانون وعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، يطمئننا بأن سماوات العراق ستكون محمية وإن أي طائرة تخترق أجواءنا ستعامل بوصفها عدواناً. الجيش الأميركي المنسحب سيترك بضعة آلاف في الكويت لحماية الأشقاء من "الجيران".
وإسرائيل والولايات المتحدة يصعدان من لهجتمها الحادة أصلاً ضد إيران فيما تلوح طهران بأنها قادرة على فعل الأعاجيب، وتذكر واشنطن بجنودها في العراق وأفغانستان والخليج. تصريحات بعض قادتنا العسكريين تفيد بعدم جهوزية جيشنا لا لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي فقط، ولكن لأي مواجهة محتملة في المنطقة، أما الناس في "الكيات" و"الكوسترات" فهم في حيص بيص. بدأ الشتاء وبدأت رحلة البحث عن النفط وتوخي الحذر في عبور المستنقعات التي تخلفها الأمطار الشحيحة!القيادة من جهتها، مشغولة بالفيدراليات واجتثاث البعثيين. نقرأ ونسمع عن مواقف متشددة في هذا الملف مصدرها بغداد وصلاح الدين والأنبار والموصل والبصرة والكوت.. ونحن نسأل: يا جماعة الخير، ماذا عن مطلع العام القادم عندما نصحو فلا نجد القوات الأميركية، التي تمثل شئنا أم أبينا، ضامناً للسلام الهش في العراق؟ من المفرح والمبهج أن يتخلص العراق من تبعات الاحتلال، ويخرج الجنود الأميركيون من البلاد، ومن دواعي فرح العراقيين الغامر أن يكونوا خارج بنود الاحتلال، سواء أكانت بنوداً أممية أم أميركية أو حتى عراقية، ولكن ذلك شيء وحسابات الأرض شيء آخر. العراق اليوم غاطس في المشاكل. بعضها من صنع الاحتلال نفسه، وبعضها الأكبر بسبب بنية البلاد السياسية والاجتماعية. الكثير من الأسرار في أدراج القادة الممسكين بخيوط اللعبة في المنطقة الخضراء، ناهيك عن الخيوط الأكبر في واشنطن، ولكن الشعب الذي يواجه الاحتمالات هو الوحيد الذي يغيب عن صورة ما سيحدث.ولنأخذ قصة التصعيد بين تل أبيب وواشنطن من جهة وطهران من الجهة الثانية. وهذا موضوع الساعة الذي يقلق الكثير من المواطنين. كيف ستتعامل حكومتنا مع هذه القصة؟ الولاءات التي تحرك أطراف الحكومة مختلفة، وهذا شيء مؤسف ولكنه ليس خفي على الجمهور. ولو بقيت حرب الولاءات داخل الحكومة العراقية بهذه الصورة فإننا سنكون بمواجهة احتمالات صعبة للغاية مع انطلاق أي رصاصة تجاه إيران أو اسرائيل. والمنطقة كلها ليست على استعاداد لتلقي خبر مثل هذا. على حكومتنا أن تتصرف منذ الآن بحكمة لاحتواء تبعات هذا السيناريو الذي تنشر الصحافة العربية والأجنبية كل يوم عشرات التحليلات عنه. لا نريد بقاء الأميركان في بلادنا، ولكننا في الوقت عينه نريد تطمينات أميركية وحكومية عراقية بأن الوضع في البلاد سيستمر بالتعافي، ولكن يكون في مهب ريح لا أحد يستطيع التنبؤ بوجهتها. المؤسف أن المعطيات على الأرض تشير إلى أيام عصيبة قادمة. فبغداد فتحت بعض الملفات في الوقت الخطأ، الأمر الذي دفع أطرافاً عراقية ان تقابل مثل هذه الخطوة بما يناسبها، وما لم تبذل جهود استثنائية على طريق تبريد الداخل العراقي فإننا سنكون بمواجهة شتاء ساخن حقاً. عيني على وزير خارجيتنا. فجماعة التصريحات النارية لا يرون أبعد من أنوفهم، ولهذا فالتعويل على دبلوماسيتنا أجدى وأهم في هذه المرحلة الدقيقة. نحن بحاجة إلى رسائل جادة إلى الخارج العراقي عن موقف العراق بعد الانسحاب.. وبحاجة في الوقت عينه لرسائل طمأنة إلى داخلنا الذي يعاني الحيرة أمام ألغاز ما بعد الانسحاب.
عين: ألغاز ما بعد الانسحاب
نشر في: 12 نوفمبر, 2011: 08:48 م