TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > دريـــــدا.. لـلـمـعـمــاريـــين

دريـــــدا.. لـلـمـعـمــاريـــين

نشر في: 13 نوفمبر, 2011: 06:49 م

د. خالد السلطانيمدرسة العمارة/ الأكاديمية الملكية الدانمركية للفنونأذكر، ولابد أنتم أيضاً تتذكرون، تلك الكراسات التي غزت الأسواق في عقد الستينيات، والمطبوعة في سنين نهاية الخمسينيات بمطابع مصر، قبل أن تتلقفها مطابع لبنان، وتنشرها على نطاق واسع؛ وأعني بها كراسات (تعلم اللغات الأجنبية بسبعة أيام، ومن دون معلم!)، بقطعها الصغير المميّز (A5)، وبعدد صفحاتها القليلة المتواضعة، وفيها - في تلك الكراريس - وعد مؤلفوها خاتمي قراءتها، النطق والفهم والمحادثة مع الآخر: الغريب والأجنبي، بلغته الأم، في ظرف أسبوع لا غير
 ...من قراءة استذكارية لتلك النصوص، إذ، بعدها سيدرك خاتمو القراءة ما معنى:  بنجور، أو غود مورننغ، أو  دوبري أوترا، أو غو مون، أو صبح به خير، أو غونايدين، أو بونيس دياس، أو كليميرا، أو يوني تو؛ وغيرها من الكلمات المرادفة التي تعني تحية الصباح بلغات العالم المتنوع والفسيح! وهي هنا تحديدا: الفرنسية، والانكليزية، والروسية، والدانمركية، والفارسية، والتركية، والاسبانية، واليونانية، واليابانية. شيئاً ما يماثل تلك الكراريس، أو بالأحرى فكرة تلك الكراريس يعاد (إنتاجه)، ولكن بصيغة أكثر جديّة، وأكثر رصانة، وبأكثر فائدة حقيقية، من قبل جامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة، ومن خلال سلسلة (المفكرون لأجل المعماريين) Thinkers for Architects. إنها سلسلة من عدة إصدارات، تقدم رؤى المفكرين متنوعي الاهتمامات إلى المعماريين. إذ لطالما تطلع الآخرون، نحو الفلاسفة والمنظرين باهتمام زائد، طمعاً في الحصول على الهامات تصميمية، أو تقصي مقاربات نقدية تضيء طبيعة الممارسة المعمارية، وتنزع هذه الإصدارات إلى تقديم نتاج المفكر ورؤيته للعمارة بصورة سريعة ومكثفة، وكل كراس منها مكرس إلى احد المنظرين أو الفلاسفة الذين تعاطوا مع الشأن المعماري. ويشير معدو الإصدارات الى ان معظم كتابات الفلاسفة، لا تخلو من تعقيد، ولهذا، فان هدفها، يكمن في تقديم نص مفهوم ومركز وواضح، تكون قراءته سهلة، وتساعد المعماريين على إدراك الفكرة الفلسفية بيسر، في ذات الوقت تحث جمهرة المعماريين على الخوض بعمق في كتابات الفلاسفة المؤثرين ، من اجل إغناء ثقافة المعمار التي يتعين أن تكون متنوعة. في كراس رقم 7، من سلسلة إصدارات (المفكرون لأجل المعماريين)، مكرس إلى صاحب الرؤى التفكيكية جاك دريدا (1930-2004)، بعنوان (دريدا للمعماريين) Derrida for Architects، وقد كتب نصوص الكراس (ريجارد كوني) Richard Coyne، وهو معمار وبروفسور ورئيس مدرسة الفنون والثقافة والبيئة في جامعة إدنبرة. درّس نظرية العمارة في مدارس معمارية مختلفة، وله اهتمام خاص في النظرية التصميمية وعلاقتها بالميديا الرقمية، وقد كتب ونشر كتب عدة في هذا الشأن التنظيري الجديد. يتضمن الكراس إياه، الذي جاء بـ 115 صفحة من القطع الصغير A5 (هل يذكّركم مثل هذا القطع، بقطع كراس ما؟!)، مقدمة السلسلة، واستهلال، ثم أقسام الكراس، (الفصول، إن شئتهم)، وهي بالترتيب الآتي: الأول المعنون، تأمل حول العمارة، والثاني: اللغة والعمارة، والثالث: التناص والاستعارة، والرابع: دريدا حول العمارة، والخامس: الأمكنة الأخرى، والسادس وهو الأخير: دريدا والممارسة الراديكالية. ويعقب ذلك كله قائمة بمراجع مهمة ومختلفة ووافية، إذ يصل عددها إلى 174 كتابا، تتعلق بموضوعة الكراس!. وقد احتوت جميع الأقسام (الفصول) الستة على عناوين فرعية، تركزّ على الناحية الفلسفية من كتابات دريدا حول العمارة. وجميع مواضيع أقسام/ فصول الكراسات ذات أهمية معرفية بالغة للمعمار، إذ أنها تضيء الجانب الفلسفي للممارسة المعمارية، من قبل مفكرين لهم حضورهم المشهود في الخطاب الثقافي والمعرفي، كما أنهم ، جميعهم، ليسوا بمعماريين، ما يضيف بعداً آخراً لإدراك العمارة من وجهات نظر أخرى، مسبغين عليها مفاهيم جديدة ورؤى جديدة. ورغم إن اهتمامات دريدا منصبة، كما هو معروف، حول اللغة، فإن أفكاره قد تم تطبيقها من خلال المنظرين المعماريين بصورة واسعة، ويسعى هذا الكراس إلى تبيان تفاعل دريدا مع العمارة، بالطريقة التي تمارس الأخيرة فعلها. أي إن غاية الكراس وهدفه يكمنان في عرض أصداء الفكر التفكيكي معمارياً. (كيف يمكن لتأثيرات دريدا أن تعمل؟). – يتساءل ريجارد كوني، مؤلف كراس رقم 7، في فصل "تأمل حول العمارة"- ويشير إلى أن قراءة دريدا، ليست ذريعة أو باعثاً للمعماريين لتغيير ممارساتهم المهنية. ولكن في تأمل النماذج، يمكن أن نرى تدّخل الكتابات الفلسفية، (مثل تلك التي تعود إلى دريدا نفسه)، كعقد في نسيج التأثيرات. لقد لمح دريدا في لقاء معه، الى طريقة عمل النص، أو أفكار الإنتاج المبدع اللتين يمكن لهما أن يتفاعلا. وفي هذا السياق يمكن التذكير بعلاقته مع المعمار بيتر ايزنمان. (لقد أعطيت بيتر ايزنمان نصاً- يقول دريدا في عام 1989- وبطريقته الخاصة ، فانه شرع بعمل تصميم، بدا وكأنه ذا علاقة مع ذلك النص، لكنه ما برح أن ظل مستقلاً عنه في الوقت نفسه. لقد كان ذلك بمثابة مشاركة حقيقية ، لم يكن هناك استخدام (مباشر) لعمل الآخر، الاستخدام المعني في خلق أشكال توضيحية او تجميعية منه.... ولذلك فان ثمة نوعاً من الشفافية كانت حاضرة، أو، وكما أودّ أن أقول، كان هناك حوار مثمر بين مهتميّن، بين نمطيّن، وبين شخصّين أيضاً). أجد، شخصياً، متعة في قراءة القسم الثالث من الكراس، والمعنون (التناص والاستعارة) Intertextuality and Metapho

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram