 بغداد/ يوسف المحمّداوي عدسة/ أدهم يوسفتحدثنا في الحلقة السابقة عن بدايات شارع الكفاح وتأريخه والانتفاضات التي حدثت فيه، وتناولنا محلة (قهوة شكر)، فضلا عن فضوة عرب في محلة باب الشيخ، التي لم نعطها حقّها في الذكر، لما لها من تاريخ متخم بالأحداث والشخصيات التي تستحق الفخر والتدوين،
وذكرنا أن الشارع سمّي في بدايته بشارع الملك غازي، ثم تحوّل إلى شارع الكفاح مع قيام ثورة 1958، لكنه في عهد صدام وبالتحديد أثناء غزوه الكويت وموقف المملكة الأردنية المآزر له أعاد تسميته الأولى شارع الملك غازي، لكن مع ذلك تبقى تسميته الشائعة بين الأوساط الشعبية وحتى الحكومية هو شارع الكفاح، وإذا كانت ثمة تسمية جديدة له وتليق بوصفه، فنسمّيه الشارع المهمل! لما تعيشه محلاته من غياب لأبسط الخدمات الإنسانية.rnخيمة الحرس القومييقول المواطن عدنان علي حسين العكيلي مواليد 1932 ومن أهالي باب الشيخ: إن منطقة الفناهرة كانت عبارة عن مزرعة صاحبتها الحاجة نمشة، وهي جدّة والده، ثم تحولت مع مرور الزمن تلك المزرعة إلى دور سكنية لعوائل امتهنت صناعة وبيع مكانس الخوص، وخرج من الفناهرة المطرب الستيني الراحل عبد الجبار الحكيم، وعن  ذكرياته في المنطقة التي ولد فيها يقول العكيلي: كنت أحد لاعبي فريق التاج عام 1951، حيث كنت انتمي للحزب الشيوعي العراقي في تلك الفترة، وكان مسؤوله فاضل جمعة الذي اعتقل في نكرة السلمان، وأحد أولاد فاضل كما يتذكر عدنان قد قتل أثناء التظاهرات من قبل الشرطي خورشيد. وروى لنا أن الحرس القومي كان ينصب خيمته في بداية الشارع، وهناك يمارس دوره التعذيبي ضد الشيوعيين والوطنيين بصورة عامة. وشهدت باب الشيخ، فضلا عن انتفاضة 1952 إضراب الطلبة احتجاجاً على العدوان الثلاثي عام 1956 على مصر،حيث قام الطلبة بحرق مركز باب الشيخ ومطاردة شرطة العهد الملكي. لا وجود للطائفية هناك في مسح ميداني أجرته عضو مجلس النواب سامية عزيز محمد، تبيّن أن المناطق الموجودة في شارع الكفاح توقف فيها التقدم التقني والعمراني والصرف الصحي، ومدّ شبكات الكهرباء والاتصالات، منذ قرابة نصف قرن، وأن 95% من بيوتها يعود بناؤها إلى عام 1940، وأحدثها تم بناؤه عام 1950، ويسكن المنطقة كما يقول الحاج أبو عثمان: العرب، والكرد، والتركمان والمسيح، وباب الشيخ والمناطق المحيطة به لم تشهد أي احتقانات طائفية، على الرغم من كونها مسكونة من قبل السنّة والشيعة على حد سواء. يقول محمد جبارة وهو من سكنة باب الشيخ، إن هناك العديد من المدارس القديمة في المنطقة مثل الإحسان الابتدائية وكذلك المشاهدة والاسكلة مقابل مقبرة الغزالي، مضيفا: إن لأغلب مناطق بغداد هناك (أشقياء) ومن أشقياء باب الشيخ المرحومان: محمود طبانه، وسلمان جبر، وكذلك عبد الستار عزيز كريم الملقّب (ستار حبّة). وكان واجبهم الدفاع عن المنطقة ونصرة المظلوم.أمانة العاصمة وساحة العوينةفيما يقول المواطن سامي عباس الجبوري: إن مقر أمانة العاصمة الحالي كان في السابق ملجأ الفرق الرياضية، وكان يعرف بساحة العوينة، وكذلك بساحة علي التي كان يديرها شخص يدعى (علي الأعور)، ومن الفرق المشهورة آنذاك، اتحاد فيوري، اتحاد الطليعة، العاصمة، أنصار الشيخلية، فريق فضوة عرب، لذا تجد المنطقة منجماً يرفد الفرق والمنتخبات العراقية باللاعبين المتميزين.أينما وليت وجهك تشم رائحة الوطن، وعطر التاريخ، بين الأزقة حكايا لأطفال أصبحوا شيوخاً، وفتيات أصبحن عجائز رددت مع نفسي وأنا أسير هناك ما قاله الشاعر نوفل الحمداني في قصيدته خواطر عبر مسافات قاحلة: سلامٌ على وطن من حنينرسمت زواياه في قلقي سلامٌ على وطن مثخن بالحروبأعلّقه وردة من أسى على مفرقيسلامٌ عليك أيا شمس عمريالتي باعدتها الليالي ألا فأشرقي.مطبخ الخيرات القادريمنعونا من دخول مرقد وجامع الشيخ عبد القادر إلا بورقة من الوقف القادري، لأنه لا يجوز تصوير المرقد من الداخل إلا بإذن من الوقف، وبالفعل توجهنا إلى هناك حيث استقبلنا الموظفون بكل مودّة ومحبّة، ولكن ما تفاجأت به هو مطبخ الخيرات، حيث يقف على شباك المطبخ طابوران، الأول للنساء والثاني للرجال. لم يدر بخلدي في الحقيقة أن هذا المكان يزق العوائل المتعففة بما يسمى (شورب خانة). يقول أحد الطباخين وهو موظف تابع للوقف ، انه منذ عشرات السنين والوقف القادري يقوم بتجهيز العوائل المتعففة بالطعام، ففي الأيام الاعتيادية يطبخ ما معدله 20 كيلو تمن مع 60 كيلو لحم غنم، أما في المناسبات، فيقوم بطبخ 14 قدراً، كل قدر فيه 70 كيلو لحم، و 50 كيلو رز، وطيلة أيام رمضان يطبخ 90 كيلو لحم، مع 60 كيلو عدس، فضلا عن ثلاث صمونات مع الوجبة.. وجدنا العديد من النساء والأطفال والرجال وقد اخذوا مكانهم في الطابور بانتظار التوزيع، حيث يبدأ فتح قدر الـ (شورب خانة) عند الساعة الوحدة والنصف تماما. أين أموال مراقد الأئمة؟لا أخفيكم بان العديد منهم رفض التصوير بل أحدهم قال لي وللمصور. اذهبوا وصوروا المأساة التي يعيشها البلد.. فقلت له وهل هناك أقسى من مشهد هذه المأساة، ونحن نرى عوائل عراقية في وطن الذهب تنتظر طعام الإحسان من هذا الوقف الشريف.أين ذهبت الموازنات الانفجارية؟،هل يتقبل الله حج من ذهبوا إليه من ال