TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين :مرحى للجامعة العربية

عين :مرحى للجامعة العربية

نشر في: 13 نوفمبر, 2011: 09:58 م

 عبد الخالق كيطان منذ نصف قرن ودور الجامعة العربية لا يتعدى إصدار بيانات التنديد ضد الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين. أما نادي الرؤساء والملوك العرب فصار المادة الأثيرة للسخرية بالنسبة لعموم المواطنين، خاصة مع بعض القفشات الكوميدية التي عادة ما يكون بطلها الزعيم المخلوع معمر القذافي.
منظومة العمل العربي المشترك التي تمثلها الجامعة العربية أثبتت فشلها، وذلك ببساطة لأن أغلب زعمائها لا يمثلون الشعوب العربية التي هم قادتها، بل يمثلون أنفسهم فيها. ولقد تعرضت الجامعة في تاريخها للكثير من الاختبارات ففشلت.. ابرز تلك الاختبارات كانت في قمة بغداد عام 1979 التي قررت تعليق عضوية مصر بسبب معاهدة السلام مع اسرائيل، وقمة القاهرة عام 1991 التي ناقشت غزو الكويت... ولكن عصر الثورات العربية الجديد غير المعادلات كلها، وها هي الجامعة العتيدة تحظى بأول مظاهرة مؤيدة لقراراتها في تاريخها عندما خرج سوريون ومصريون إلى شوارع القاهرة مرحبين بقرارات مجلسها الأخيرة التي تخص دمشق. المندوب العراقي امتنع عن التصويت، فخيّب أملنا. كنا نمنّي النفس، ونحن لا نملك غير الأحلام، بأن يكون موقف العراق قوياً في مناصرة الربيع العربي، وفي مناصرة حق الشعب السوري الشقيق في العيش بكرامة ووقف الانتهاكات الدموية التي يتعرض لها منذ شهور من قبل النظام الحاكم هناك. كنا نتوقع موقفاً عراقياً قوياً يتناسب وحجم التغيير في العراق، ويتناسب وتلك التصريحات التي سوّدت ايامنا وليالينا عن التجربة الديمقراطية في العراق، ولكن ثبت بالدليل القاطع أنها كانت مجرد شعارات، وإن الانتماءات الطائفية والإملاءات الخارجية أقوى بكثير من ايّ شعار يرفع، فوقف العراق الرسمي إلى جانب النظام السوري الذي يعاني حصارات متعددة، في الوقت الذي يقف فيه العراق الشعبي بقوة وصدق مع الشعب السوري الذي يتعرض للتنكيل في كلّ يوم.وفي تقديري فإن موقف العراق لم يؤثر على الموقف الشجاع للجامعة العربية في التصدي لاستهتار نظام الأسد بكل المواثيق والاعراف الانسانية قبل الدولية. يظن نظام الأسد، ومعه نظام علي عبد الله صالح، إن الاستمرار في ذبح الشعبين السوري واليمني، على طريقة صدام حسين، سيجابه بصمت عربي، إقليمي ودولي.. ويتناسى هؤلاء بأن الظروف والمعطيات التي كانت سائدة في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي قد تغيرت كلياً... لقد صارت فضيحة هذه الأنظمة الديكتاتورية تزكم الأنوف، ولم يعد ممكناً للنظام العربي، الجديد، أن يصمت أمام الانتهاكات التي تجري في هذا البلد أو ذاك. كما أن "شمّاعة" عدم التدخل في الشؤون الداخلية صارت شعاراً قديماً لا يمت بصلة إلى هذا العالم المعولم. أمامنا اليوم الكثير من النماذج للعالم الجديد الذي انطلق مع الثورة التونسية، وهو عالم قائم على ضرورة طي صفحة الديكتاتوريات إلى الأبد، والبدء بمشروع ديمقراطي يتناسب وطاقات العرب وتوقهم إلى الخلاص من العبودية. أما الحديث عن صعود الإسلاميين إلى السلطة في هذا البلد أو ذاك فما هو إلا محاولة لثني العرب عن برنامجهم التحرري. مرحى للجامعة العربية التي تقف اليوم، وربما للمرة الاولى في تاريخها، مع شعب عربي مقهور وأعزل يواجه بصدور عارية دبابات وطائرات وبنادق النظام السوري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram