ســـلام خـــياط في لجة التحضيرات المحمومة لاستقبال أعياد الميلاد ورأس السنة –لاسيما في بلاد الغرب– تتبارى الشركات الكبرى المنتجة للأدوات والبضائع الاستهلاكية والخدمية بعرض منتجاتها لتحقيق أقصى الأرباح، عبر الإعلانات والكتيبات (الكاتالوجات) البراقة ذات الورق الصقيل والألوان الباهرة التي ترغمك على الشراء رغم أنفك.. توزع تلك الكاتالوجات في المخازن الكبرى مجانا أو تدس إليك مع الرسائل في صندوق البريد. تزورني جارتي الإنجليزية وفي يدها اضمامة من تلك الكتيبات للمداولة في أمر الهدايا والبطاقات التي ستبعث بها للأقارب والأصدقاء، تتوقف عند صفحة تعرض أجهزة ترجمة الكترونية،
تفكر في شراء هدية قيمة لحفيدها الذي سيدرس الفرنسية هذا العام.. الجهاز الميسور الثمن الذي هو بحجم الكف، مبرمج للترجمة من وإلى أكثر من خمس وعشرين لغة، أتمعن في أسماء البلدان ولغاتها، فأقرأ من بين ما أقرأ: الفرنسية، الإنجليزية، الإيطالية، البلغارية،البولندية، السويدية، اليونانية، الإغريقية القديمة، الهولندية، الكرواتية، البرتغالية، الإسبانية، الروسية، التركية...إلخ. أتم القراءة ويزوغ بصري إذ لا أجد بين كل تلك اللغات اللغة العربية.... تلاحظ الزائرة قنوطي، فتسأل، فلا أخفي خيبتي من تجاهل لغة بني قومي،، تقول تطيب خاطري: ربما هم لا يقرأون؟ فما حاجتهم للترجمة، أبتلع خيبتي وأداري انكساري بالمكابرة: بل هم يقرأون يا سيدة، بل إنهم علموا العالم القراءة إذ اخترعوا سلالة الحروف الأبجدية.. بل يقرأون يا سيدة ومنهم من كان أبا ومهدا للعلوم، هل سمعت بابن البيطار؟ أو ابن سينا، أو بابن النفيس؟ أو الغزالي؟ أو ابن خلدون؟ أو الجاحظ؟ أو... أو.. او؟ وحين تهز رأسها نفيا أخجل من عرض عاهتي الحالية وتعكزي على الأقدمين... أزجر تداعي الذاكرة، وأترحم على من قال: إن العرب ظاهرة صوتية، إنهم لا يقرأون، وإن قرأوا لا يفهمون، وإن فهموا استهانوا وتهاونوا.المليار نسمة من العرب،، المليارا نسمة من المسلمين، الذين تشكل ثرواتهم النفطية والغازية والمائية والبشرية، أكثر من نصف احتياطيات العالم للطاقة التي هي أساس الحياة الحديثة على الأرض، مغيبون عمدا وسهوا، بفعل فاعل معلوم او مجهول، محذوفون من القواميس الكبيرة، والآن، لغتهم المضيعة غائبة حتى في أجهزة الهدايا الصغيرة التي يتداولها الناس في الأعياد.
السطور الأخيرة :المســــاكـــــين
نشر في: 13 نوفمبر, 2011: 11:04 م