TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :لقلق زادة في ديوان الحكومة

العمود الثامن :لقلق زادة في ديوان الحكومة

نشر في: 13 نوفمبر, 2011: 11:17 م

 علي حسين يحيرني ما يجري في أروقة الحكومة، وتصيبني الدهشة للأسلوب الذي تتعامل به مع الأحداث الساخنة في بعض الدول العربية، أما وجه الحيرة فيتمثل في نوعية التصريحات التي اختلط فيه الحابل بالنابل. ولم نعد نعرف بالضبط من الذي عنده الخبر اليقين ومن الذي يصرح على هواه، اما الدهشة فهي في الأسلوب الكوميدي الذي قررت أن تغلف به الحكومة تصريحاتها، وهو أسلوب ينتمي بجدارة إلى مدرسة المرحوم جعفر لقلق زادة وهي طريقة كوميدية تعتمد على الارتجال دون التقيد بنص مكتوب، فأثناء أحداث الربيع العربي
 خرج علينا الكثير من السياسيين يحذرون من الفوضى التي ستصيب المنطقة والتي ستنعكس حسب رأيهم على الوضع العراقي، بالمقابل أكد رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة من أن "الاحتجاجات التي تشهدها بعض البلدان لن تكون ربيعا، بل ستتحول إلى خريف"، طبعا وحسب نظرية جعفر لقلق زادة الحكومية فان بلدانا مثل ليبيا ومصر وتونس وسوريا كانت تنعم بالاستقرار والازدهار بفضل ديمقراطية مبارك والقذافي وبشار والأخ المناضل علي عبد الله صالح، على أن الأمر لا يخلو من قفشات أخرى، منها مثلا ما صرح به مؤخراً المقرب عزت الشابندر الذي اعتبر قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا مخططا امبرياليا وصهيونيا، هكذا وبدون مناسبة ارتدى الشابندر زي الثائر ليتحدث باعتباره ممثلا لحركة التحرر العالمي من بقايا الاستعمار، وللاسف السيد الشابندر لا يجيد الكوميديا حتى وان لعب أدوار جعفر لقلق زادة، طبعا وحسب نظرية الشابندر الثورية فان الامبريالية الممثلة بامريكا وأوربا ارتكبت خطأ فادحا حين أسقطت امبراطورية العقيد القذافي ومن قبله قلعة "القائد الضرورة" وترتكب اليوم اخطاء اكبر حين تصر على تفكيك جمهورية الخوف السورية، واكمالا لهذه النظرية فان الاربعة آلاف قتيل من الشعب السوري سقطوا برصاص الامبريالية وعملائها في اسرائيل، ولم يكن للأمن السوري اي علاقة بما جرى على الأرض، وان ما جرى في العراق هو مخطط امبريالي لم يكن لجبروت صدام ودكتاتوريه وجرائمه أي دور فيه، ولا ادري كيف تسنى لسياسي مثل الشابندر الموافقة على المشاركة بعملية سياسية كان للامبريالية العالمية – أمريكا وأوربا – دور كبير في المساعدة على إقامتها من خلال اسقاطها نظام صدام، كيف تسنى له ان يخلع ثياب الثوار ويجالس الامبرياليين الأمريكان يحاورهم ويبادلهم الابتسامات. ولم افق من مشهد الشابندر حتى فاجأني الناطق الرسمي للحكومة بتصريح ينتمي إلى مدرسة لقلق زادة أيضا ففي رده على قرار الجامعة العربية قال "القرار جاء بطريقة غير مقبولة" مضيفا "نحن مع الحوار مع المعارضة ومع حرية الشعب السوري ، لكن ليس بهذه الطريقة القسرية التي تنقل القضية إلى التدويل". واصفا القرار بأنه "قضية خطيرة جدا"، طبعا لا أريد أن أذكّر السيد الناطق وهو أكثر دراية ومعرفة مني بالقرارات التي صدرت ضد صدام وكيف سعت المعارضة العراقية آنذاك الى تحشيد كل الدول الغربية من اجل انقاذ العراقيين من جبروت الطاغية وتعنته، ولا أريد أن اذكره بالموقف المتخاذل الذي ظلت الجامعة العربية آنذاك تتخذه ازاء ما جرى للشعب العراقي، وبمراجعة جيدة ودقيقة للأرشيف يمكن للسيد الناطق ان يطلع على تصريحات قادة المعارضة العراقية الذين كانوا ينددون بالموقف العربي، فما الذي تغير اليوم، هل دماء الشعب السوري رخيصة الى هذا الحد الذي يجعل العديد من سادتنا يصابون بالوجوم والغضب لان الجامعة العربية صحت من نومها وقررت ان تقف في صف الشعوب لا الى جانب الرؤساء المناضلين. نستطيع تفهم لجوء اليمن لرفض القرار، لكن كيف يمكن أن نقبله من بلد عانى من ظلم الدكتاتورية عقود طويلة، مرة أخرى وبغض النظر عن النوايا فإن الحكومة ومعها بعض السياسيين يسيئون إلى التجربة العراقية حين يصرون على التعامل مع قضايا الشعوب بانتقائية ومزاجية حتى . فيا أصحاب طريقة لقلق زادة.. تذكروا أن التاريخ لن يسامحكم ولن يرحمكم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram