TOP

جريدة المدى > غير مصنف > أمّة أميركيّة متوعّكة

أمّة أميركيّة متوعّكة

نشر في: 14 نوفمبر, 2011: 06:37 م

الكتاب: ذلك ما كنّا عليه المؤلفان: توماس ل.فريدمان و مايكل ماندلباوم ترجمة: هاجر العاني وصفات فريدمان لأمة أميركية متوعكة هي مهمة عسيرة- مهمة يوجد أمل ضئيل في إنجازها. ثمة شعور غريب نحو هذا الكتاب الآسر المرعب، كالشعور الذي يخلفه ديل كارنيجي، فمن ناحية يتجمع مرشدان روحيان كبيران- من صحيفة  نيويورك تايمز وجامعة جونز هوبكنز على التوالي- على يوم حساب انحطاط قوة عظمى،
ولا تصبح الخطب الجنائزية أكثر تدميرا بكثير من هذا، ولكن من ناحية أخرى فإنهما يطلقان كذلك وصفات لأجل استعادة العافية بنفس سلاسة بائع جوّال. ماذا أصاب الحلم الأميركي؟ حسناً، الشراكة السياسية- التي تنفخ فيها دورة قناة فوكس نيوز التي أمدها 24 ساعة – حدثت بحيث أن النظام السياسي نفسه أصبح مختلاً وظيفيا بشكل معقد، وحدث الرضا الذاتي المتولد ما بعد الحرب العالمية الثانية ألا وهو: إن إساءة قراءة جورج دبليو بوش لمبدأ العجز (المالي) الذي أطلقه رونالد ريغان قضت بإنفاق طائش كثير جدا اليوم دون التفكير بالغد، انه دافع واستثمار من اجل النمو المستقبلي. في عام 2009 أنفق المستهلكون الأميركيون (7.1) مليار دولار (4.5 مليار جنيه إسترليني) على رقاقات البطاطا المقلية المقرمشة، في حين أنفقت واشنطن (5.1) مليار دولار (3.2 مليار جنيه إسترليني) على أبحاث الطاقة وتطويرها.أما في مجال التعليم فإن جامعتي شينخوا وبكين هما أكبر مزودين بالدكتوراه في الولايات المتحدة، في حين أن "49% من البالغين الأميركيين لا يعلمون الفترة التي تستغرقها الأرض للدوران حول الشمس".تمرّغ في البدانة المتفشية والمدرسين المتبطلين والزعماء الضعفاء والمصرفيين الجشعين والجهات التنظيمية العقيمة والاختناقات المرورية والتضليل والديون الضخمة وتوقعات النمو الضئيلة وثقوب الراتب التقاعدي السوداء وحركة حفلة الشاي- وما الذي حصلت عليه؟ قائمة رعب يتم علاجها على ما يبدو تحت أربعة عناوين مقتضبة.أولها افتقار عميق ومربك لمركز اهتمام- الغاية المفقود منذ كسب الحرب الباردة- فلا يوجد تهديد ولا يوجد تركيز، وثانيها إخفاق مزمن في معالجة المعضلات الجلية- التعليم ونقص الطاقة وتغير المناخ-، وثالثها التخلي عن الوصفة الطبية المبنية على الاستثمار والصناعة والابتكار والتي جعلت أميركا قوية، وآخرها عداء لدود وعنيد قد افسد أية محاولة للبناء بتوافق الجميع. حقق تقدما تحت كل تلك العناوين وربما يمكن أن يحيا الحلم من جديد. إنه طلب جبار إذ يضع فريدمان وماندلباوم خطة مفصلة لطريقهما نحو نجود مشمسة أكثر وهي :"التعلم والعمل والإنتاج وإعادة التعلم والتجديد بمقدار ضعف المشقة وضعف مرات التكرار وضعف الكثرة" – لأن العولمة تعني انه لم تعد هناك في المتناول أية وظائف عمالية أو وظائف مرموقة اجتماعيا لا تحتاج إلى فكر، فقد تلاشت ملايين الوظائف خلال هذا الانكماش الاقتصادي ولن تعود، ويمكن أن يكون لديك – بل في الواقع لديك بالفعل – كثيرون في التصنيع يبلون بلاءً حسناً، جاعلين الأرباح تتدفق من جديد، أما ما ليس لديك فهو التوظيف الذي اعتاد على أن يرفق استعادة العافية، فالوظائف الجديدة يمكنها أن تأتي فقط من شركات جديدة وأفكار جديدة وإبداع جديد، فقد فقدت الوتائر القديمة صلتها (بالوقت الحاضر)، إذ أن عالم جورج دبليو الممعن في القدم – ناهيك عن روني ريغان – مات.وهذا لا يعني تغيير التعليم المدرسي وحسب بل يعني كذلك إيجاد طرق لإنقاذ ملايين البالغين الذين يستنزفهم التغيير الرقمي على رأس عدم الرجاء (إشارة إلى عكس معنى رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب القارة الإفريقية – المترجمة)، وهو يعني الموافقة على أن العلم يبز الدين وان داروين يبز كتاب العهد القديم (القدس) وأن هناك شيئا اسمه الاحتباس الحراري، وهو يعني زيادة الضرائب لتسديد الدين ودفع ثمن الحروب بالإضافة إلى تخفيض الإنفاق الذي لا يمكن تحمله، وهو يعني استرداد روح البرنامج الجديد (لروزفلت)- وهو العمل معا والقيام بتضحيات مشتركة لأجل غاية مشتركة. ولكن باللغة العملية يبدو أن أغلب ذلك غير محتمل الى حد ما، ويقارب المستحيل كليا، فهل يبدأ الإجماع بغمر مبنى الكونغرس بضوء لطيف، فيما تقترب انتخابات عام 2012؟ أليس هو ريك بيري، أكبر المتحدين الجمهوريين وناكر الاحتباس الحراري؟ وأين يلائم وضع مايكل باخمان؟ وبالنسبة للجواب المنطلق (من صفحة 334 وما بعدها) الخاص بـ "العلاج بالصدمة" عن طريق دفعة من طريق ثالث إلى البيت الأبيض من قبل مؤمن معتدل بفلسفة الذرائع سيجر المتطرفين الجمهوريين والديمقراطيين إلى الوراء صوب الوسط فلا تتكلف (أنت) حتى عناء التفكير بذلك، وعلى الأرجح أن فريدمان وماندلباوم محقان في أن اغلب الأميركيين يريدون أن يبقوا رؤوسهم محنية ويضعوا اللحم والبطاطا على الطاولة ويحيوا حياة هادئة يعملون فيها بكد، إلا أن "اغلب الأميركيين" لا يتسابقون للحصول على منصب سياسي أو ترؤس شركات عملاقة أو التصويب في مؤتمر حزبي، بل يكونون خارج المنظومة إلى أن يسبق السيف العذل، ولا توجد بالفعل طريقة لجعل أصواتهم مسموعة.  وهذا الكتاب رهيب لأنه لا ينطبق على أميركا القوة العظمى وحسب بل على المملكة المتحدة القوة المنكمشة، حي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram