TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عثرات أنثى : قطع رؤوس النساء العاشقات

عثرات أنثى : قطع رؤوس النساء العاشقات

نشر في: 16 نوفمبر, 2011: 06:21 م

 ابتهال بليبل هناك صور تتشابه على هذا الكوكب... امرأة يقتطع رأسها لأنها عاشقة...هكذا ببساطة، أنه قانون عشائري يقضي بقطع رأس كل امرأة تعشق وتهرب مع عشيقها.. هذا القانون يطلق على هذه المرأة تسمية ( الناهبة ) ويتضمن الكثير من الإجراءات قبل تنفيذه، كما أنه اعتراف ضمني، بأن للعشق حقوقاً وتجرؤ المرأة على حرمته جرماً... وهذا يجري في العراق الآن في هذا العصر، لا في العصور القديمة التي تحكمها شرائع الغاب... هذه العدالة المقدسة للعشق هي واحدة من الظواهر البارزة في مجتمعنا...
وأتساءل من أين تتغذى قوانين هذا المجتمع، ومن أين تستنبط أحكامه هذه تجاه المرأة؟ وبالتالي، هذه القوانين عمّ تعبر؟! ربما التعبير عن جريمة المرأة في العشق ضحل العطاء، لأنها معركة العشيرة، يخلع فيها فرسانها خوذهم ويتجهون إلى بقاع الأرض يبحثون عن العاشقة، ولن تنتهي معركتهم هذه إلا بحمل رأس (الناهبة) المقطوع، والسير في تظاهرة طويلة تعم شوارع البلدة...في هذه المعركة، لفتت نظري وقفة، وهي أن العاشق والمعشوقة يهربان حتى يتزوجا، وعندما تعثر عليهما عشيرتها، تقتل الزوجة وتأخذ دية الفصل العشائري من زوجها، وهناك البعض القلة من هذه العشائر تأخذ الدية وتبقي على الزيجة شرط ألا تراهما، وبذلك تتبرأ منهما وإلى الأبد، وكلتا الحالتين تعبران عن الكبرياء الذي خلفته وليمة تمتاز بالعنف.. الناهبة التي قطع رأسها، لم تقتلها القوى العشائرية، وإنما قتلت تحدياً، وأستغرب لماذا لا تنتهي هذه الحكاية كما كان يُفعل في الجاهلية عندما يُقطع رأس العدو أو أحد أفراد العائلة بشرب الخمر فيه، كدليل على النصر. وربما في الوقت نفسه، في مكان ما من هذا العالم  هناك صورة أخرى لا فرق بينها وبين منفذي هذا القانون، وتحديداً في جزر بابوا غينيا حيث تمارس عادة قطع الرؤوس من قبل قبائل وحشية كوسيلة لإبراز قوتها، وفي تايوان القديمة يقدم الرأس المقطوع مهراً للعروس، أما في الفلبين فأن هذا الرأس المقطوع يعتبر تحفة فنية تزين جدران البيوت... وعلى ما يبدو فأن التحدي لا غير ذلك خلف تنفيذ مثل هذه القوانين، تحدٍ بعضه صير وجود المرأة إلى كابوس، يشعرنا وكأن العادات والتقاليد العشائرية شبح بملامح إنسانية، وأن نظرة واحدة للواقع الذي نعيشه تكفي للقول، بأنه لا يوجد حتى الآن من يقضي بإيقاف القوانين العشائرية خلال تاريخ طويل مرير.. هل يكفي أن نلوم هذه القوانين على التعاطي المشوه للعشق ومسؤوليتها في فساد العلاقات الاجتماعية واضطرابها؟! نستطيع أن نقول الآن بأن حرية المرأة في اختيار شريك حياتها شعارات مزيفة، وأن مطالبة منظمات المجتمع المدني بأن تكون المرأة نصف المجتمع، هي مطالبات موهومة، لم تكن سوى تحد لا يشبه تحدي فرسان العشائر في قطع رؤوس النساء العاشقات...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram