TOP

جريدة المدى > سينما > مهرجان أبو ظبي السينمائي..حزمة عروض منوّعة، والسينما المغربيّة كانت العلامة الأبرز

مهرجان أبو ظبي السينمائي..حزمة عروض منوّعة، والسينما المغربيّة كانت العلامة الأبرز

نشر في: 16 نوفمبر, 2011: 06:28 م

2 - 2فيصل عبد الله أبو ظبيالجريمة والعقابفيما انسداد الأفق والتهميش الذي يلف مصائر شباب مدينة تطوان المغربية، يتلقفه الكاتب والممثل والمخرج فوزي بنسعيدي في بنائه الدرامي لشريطه المهم (موت للبيع)، مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.
 يقارب صاحب (ألف شهر) و (ياله من عالم جميل) في جديده شخصيات مستلة بعناية من مكان محدد، وفي مجتمع يخفي تناقضات لا حصر لها، ونتاج تفكك عائلي. ذلك أن شخصيات الفيلم الرئيسية، سفيان وعلال ومالك، يدورون في لعبة المصائر المعلقة، بانتظار العقاب على جرائمهم الصغيرة. لعبة ديدنها السرقات الصغيرة، وحالة التهميش، والبحث عن خلاص دائم يؤمن الثراء السريع. يقع الشاب سفيان في يد الجماعات الإسلامية، بعد أن مسك متلبساً بسرقة حقيبة طالبة. فيما يتحول الشاب مالك، بفعل السخط على عائلته إلى مخبر سري لرجل أمن (أداء فوزي بنسعيدي) مقابل إطلاق سراح عشيقته الراقصة دنيا. ويكون أول ضحاياه وشايته على عائلته بعد مقتل شقيقته على يد رجل قضاء. بينما تدور في رأس علال أفكار جهنمية، وعبر سرقة محل مجوهرات من أجل تأمين قوارب لتهريب المخدرات إلى أوروبا.ولئن كان الخسران هو قدر هذه الشخصيات في النهاية. فان بنسعيدي ولّف شريطه بالكثير من الهدوء والتأني، وعبر رسم نهاية مختلفة لكل واحد منهم، أبرزها نهاية الشاب سفيان، المتعاطف مع أفكار الجماعات الإسلامية، المشبعة برمزيتها، إذ يظهره وقد غطى دم صاحب محل المجوهرات الإسباني يديه وملابسه، وكأنه أنجز مهمته الإيمانية. النهاية الدموية والشروط الاجتماعية والسياسية الضاغطة، يأخذ على يد الشاب هشام لعسري، في ثاني تجاربه السينمائية، مساراً مغايراً. جديده (النهاية)، فقرة مسابقة آفاق جديدة، يبتعد عن مألوف السينما العربية الدارج. ولربما يتبادر إلى ذهن المتلقي تأثيرات شريط "ماكس المجنون" (ماد ماكس) عليه. ثلاثة خطوط رئيسية تتحكم بإيقاع السرد؛ عصابة مؤلفة من أربعة أشخاص رسمها المخرج بهيئات كارتونية تدافع باستماتة لحماية شقيقتهم ريتا. ويدور الثاني حول حب العامل الرث ميخي لريتا. فيما يسرد الخط الثالث، يوميات رجل أمن مهمته المقدسة تكمن في الدفاع عن النظام السياسي، والاهتمام بزوجته المقعدة بطريقة سادية. أما الزمن فيعود به المخرج إلى أيام محددة من شهر تموز/يوليو 1999، تلك التي سبقت وفاة الملك الحسن الثاني. وفاة الملك، وما سبقها من انهيار لمقومات المجتمع الآدمي، عبر عنها الشريط بالكثير من التجريب حيث يمتزج الحب بنزعة انتقام دموية ووحشية، وحالة الترقب هو ما جمعه لعسري في بيانه السينمائي. التصوير باللونين الأبيض والأسود مغامرة تحسب إلى صناع هذا الشريط، لكنها مغامرة محسوبة عبرت عن نفسها بنتائج باهرة من خلال اللونين الأسود والأبيض لإضفاء مسحة قتامة على تلك الفترة القلقة، نتبينها من لحظة بداية الشريط التي صورت بالمقلوب. عالم لعسري جواني. مكتوم. لذا جاءت صرخته السينمائية بعد أكثر من عقد. صرخة طلق سينمائي متحرر من سياقات البناء الدرامي لكلشيهيات السينما التقليدية. سرد نتابع تفاصيله، ومطلوب منا فك شيفرة كم هائل من الرموز والإشارات على مدى 105 دقائق. ولكي تبلغ الحبكة ذروتها، ونستجمع خطوط الشريط، يعمد المخرج وبفطنة عالية، إلى ربط لحظة وفاة الملك بتجريد رجل الأمن من سلطته، حيث تركه طريح الأرض عارياً على سطح بناية.بالمقابل، ومن دوامة الشجن اليومي، صاغت ليلى كيلاني باكورتها الروائية "على الحافة" (دعم من صندوق "سند" التابع لمهرجان أبو ظبي السينمائي، وعرض في مهرجان كان الأخير ضمن فقرة تظاهرة "نصف شهر المخرجين" الموازية لمسابقة الفقرة الرئيسية ممثلاً للمغرب). ذلك أن حكاية الشابة بديعة (أداء باهر لصوفيا عصامي التي تقف للمرة الأولى أمام الكاميرا)، الشخصية المحورية في الفيلم والعاملة في معمل لتجهيز الروبيان، هي في حقيقتها البحث عن خلاص فردي، خلاص يستجيب إلى إغراء شرطه صديقتها المقربة إيمان (منى بحمد) ومن بعد الشابتين سلمى ونوال (نزهة عاقل وسارة بتوي)، وعبر الانغمار في عالم السرقة الليلة والجريمة وبيع الجنس. عمدت كيلاني إلى "تأنيث الجريمة"، على حساب الصورة النمطية للمرأة من كونها المرادف للضعف والانقياد.ذلك أن قاع المدينة، والشروط الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة يمكن أن توفر البيئة المناسبة لإنتاج نماذج على شاكلة الشابة المسترجلة بديعة. لا نعرف، كمشاهدين، ماذا يعتمر في ذهن بديعة، سوى المصرح به على الشاشة؛ غسل جسمها في حوض ماء بلاستيكي وبطريقة هستيرية للتخلص من روائح الروبيان، وترطيب وجهها بالليمون الطازج، وعدم استعمال أدوات الزينة،وحركتها الدؤوبة، وقدرة على القيادة والمجازفة، وحوارات مقتضبة وسريعة نكاد اللحاق بها، هو كل ما تبوح به الصورة. ولكن التداخل بين ما هو معروض وما تخفيه بديعة يبقي لغزها، واستثنائيتها، تلك التي وظفتها كيلاني في نهاية شريطها بطريقة شاعرية. زلة بديعة المأسوية هي أنها استجابت إلى رغبة الاستحمام بحمام ساخن، فطالما حرمت منه وكان مقتلها.ورغم أن مصوري الأفلام السالفة من الأوروبي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram