TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :أعطونا نموذجاً

كردستانيات :أعطونا نموذجاً

نشر في: 16 نوفمبر, 2011: 07:06 م

 وديع غزوان  كثيراً منّا كان وما زال يلعن النفط والثروات التي جعلت من بلدنا على مر التاريخ عرضة لأطماع الغير وانفتاح شهيتهم عليه ، وحرمتنا من التمتع حتى بفتات وارداته ، بل منعتنا من أهم شيء وهو الأمن والأمان في أوطاننا . وكان من تبعات تنافس الدول على ثرواتنا  قديماً وحديثاً ،تدخلاتها في شؤوننا ومحاولاتها المحمومة بشكل أو بآخر التقرب من كتل وأطراف سياسية بحجة تبني طروحاتها ودعمها . ومن الطبيعي أن تمرر أجندتها بطريقة ما لكي لا تحرج هذه الأطراف .
وفي عالم السياسة خاصة في الوقت الراهن تتداخل المصالح الدولية والإقليمية مع الشأن المحلي ، والشاطر من  يجيد اللعبة ويحصل على اكبر المكاسب لبلده . في عراق ما بعد 2003 ، ولظروف معروفة من ضمنها الاحتلال الأميركي وأخطاء إدارته ، ظل سياج وطننا واهناً ليس في قضية الحدود فقط ، بل والاهم في الجانب السياسي ، حيث عجزت أطراف العملية السياسية عن التوصل إلى اتفاق بينها تضمنه تصوراتها للقضايا الشائكة والمعقدة التي أفرزتها مرحلة ما بعد التغيير الكبير الذي زلزل المنطقة وليس العراق وحده ، وحتى الدستور الذي يفترض يكون أن قد كتب باتفاق بين كتل رئيسية ومساهمة بالعملية السياسية،  والذي تم الاستفتاء عليه ، صار موضع نزاع وجدل معرقل لبناء نموذج يحس ويشعر به المواطن . وهكذا وطيلة السنوات الثمان ظلت السمة المميزة للواقع السياسي العراقي التخبط والصراعات بين كتله ، ما أعاق بشكل كبير خلق نموذج يتناسب وما كان مأمولاً أن يحصل . وبالتأكيد فإن الضحية الوحيد من كل ذلك المواطنون بمختلف مكوناتهم الذين عادوا مرة أخرى يتحسرون ويتشوقون لنظام يغطي جزءاً من آمالهم المكبوتة من عقود ، والأمر الأدهى هو أن البعض ، بمن فيهم المتضررون ، صار يتحسر على أيام زمان بصورة تعد علامة بارزة بين الحالة التي استقبل بها العراقيون التغيير حتى وإن جرى بفعل خارجي  في أشهره الأولى، والسنوات التي تلته، وهو ما يؤشر حالة إحباط بدرجة معينة   . قد ينزعج الاخوة المسؤولون مما نقوله وربما لا يصدقونه ، لكنه اقل من الحقيقة بكثير ويمكن لأي واحد منهم أن يرسل احد خلصائه لأي حي وزقاق وفي أية محافظة ويختلط بالناس ليعرف الفارق بين ما  كانوا يتحدثون به بعد 2003 والآن ، حيث سئم كل مواطن قلة الخدمات وكثرة الفساد وما بينهما كان أعظم  . ليس عيباً أن نعترف بأخطائنا ونتوقف عندها لتجاوزها  ، ولكن كل العيب أن نصرّ على معارك جانبية نفتعلها بين فترة وأخرى ، لنوهم أنفسنا أن ذلك قد يشغل المواطنون عن همومهم وهي طريقة أكدت فشلها في أكثر من تجربة وفي أكثر من نظام ، ما نحتاج اليه هو مصداقية في الفعل وترجمته إلى واقع ، والانطلاق بثقة إلى المستقبل دون أن تتكئوا على ماض مرير تجاوزناه كمواطنين وأبيتم إلا  أن تذكرونا به بين فترة وأخرى ..أعطونا نموذجاً حقيقياً لعراق المستقبل  بدلاً من كل هذه الصراعات  ،ولا تتصرفوا بتأثير هاجس الخوف من الماضي وازرعوا فينا مرة أخرى الثقة بالآتي من الأيام، فهذا ما نحتاج إليه يا سادة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram