TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :ما يطلبه القراء

سلاما ياعراق :ما يطلبه القراء

نشر في: 16 نوفمبر, 2011: 08:29 م

 هاشم العقابي في اعتقادي ان كل كاتب تهمه آراء قرائه مهما كانت طبيعتها. فمثلما يحتاج القارئ الى كاتب، يظل هذا الكاتب محتاجا لآراء وتعليقات قرائه من باب الـ feedback. ومن بين ما يميز تعليقات العراقيين عن غيرهم،
هو ان كثيرا منهم لا يبدون رأيا بل يطالبون الكاتب بان يكتب حول مواضيع يرونها أولى بالكتابة والاهتمام. فان كتبت عن ليبيا أو سوريا، مثلا، يزعل البعض علي ويطالبني بالكتابة عن البحرين. وان دافعت عن التظاهرات السلمية وما يتعرض له المتظاهرون من محاصرة وتنكيل، يطلب البعض ان اترك هذا الامر واكتب عما كان يفعله صدام بالعراقيين رغم انه قد ولى. ليلة البارحة طالبني ثلاثة قراء ان اكتب عن عيد الغدير. قلت مع نفسي مادام انه عيد، فجميل ان اكتب عنه. ولعيد الغدير، ذكريات تتعلق بطفولتي يوم كان والدي، وهو رجل دين وشاعر ايضا، يصطحبني معه لاحضر الامسيات الشعرية التي تقام ليلة ذلك العيد. رائحة ماء الورد واناقة الحاضرين وشكل القاعة المضاءة بأجمل الثريات اضافة لنوعية الحضور من الشعراء والجمهور، اضف لها ما اكنه من حب وتقدير خاصين لشخصية الامام علي، كلها حضرت ببالي ودفعتني الى ان افتش عن فضائية تنقل كيف يحتفل بهذا اليوم، ووجدتها. كان هناك احتفال طلابي وعلى المنصة شاعر شعبي في مقتبل العمر. لم يثر استغرابي مضمون قصيدته الطويلة جدا وكأنه يحرض الناس على حرب ضد مجهول لم يفصح عنه، وحسب ، بل اثاره اكثر طريقة إلقائه وحركاته التي ذكرتني بمهرجانات الحروب الصدامية. شيء يقبض القلب حقا ان تجد طريقة الصراخ والزعيق، التي شوهت شعرنا الشعبي، يتوارثها جيل ما  بعد الحروب. وبالف "يا علي" انتهت القصيدة (الكابوس). بعدها انتقلت الشاشة الى حفل من داخل مرقد الامام علي. طل عريف الحفل ليقدم شاعرا شعبيا ورادودا ، لكنه ظل قبلها ينشد مجموعة من اناشيد استوحى اغلب الحانها من اغان عراقية وعربية وتبعها بقصائد طويلة حد الملل. الشاعر ، اذا لم يكذبني الله، ظل قرابة الساعة ينشد ويلقي شعرا. ومضمون شعره، ايضا، يصارع عدوا لم انجح بالتعرف عليه، ولا اظن ان المحتفلين قد عرفوه. ثم عاد عريف الحفل واستلم الناس الى ان "هراهم هري". ولم ينته الا بالشافعات ليقدم شاعرا آخر ليفعل مثل ما فعل الذي سبقه. ورجع عريف الحفل وبيده هذه المرة "بند" من ورق. وعلى نفس الرنة. لا ادري متى غفوت لكني اتذكر باني حينما استيقظت وجدته مازال ينشد ويقرأ. لم يبق لي غير ان أطفئ التلفاز واذهب لأنام بعد ان استنفد العريف كل طاقتي السمعية والبصرية والنفسية.كم تمنيت لو بقيت على ما في بالي من ذكريات حلوة حول احتفالات يوم الغدير يوم كانت الناس تفرح بوعي ولياقة وتحتفل بروح تضع احاسيس الغير ومشاعره  في الحسبان. لا أعتقد ان من طلب مني أن أكتب عن عيد الغدير سيرضى عما كتبت. وشفيعي عنده إن ارضاء طلبات القراء غاية لا تدرك ابدا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram