 بغداد/ يوسف المحمّداوي  عدسة/ أدهم يوسف ((الحلقة الثالثة)) تبيّن أن رحلتنا في حياة شارع الكفاح ستطول، لما يمتلكه هذا الشارع من تواريخ ورموز مهمة في حياة بغداد الحبيبة المجروحة كقلوب أبنائها ومحبيها.  لم يدر بخلد أبو جعفر المنصور أن المدينة التي بناها ستتعرض لكل هذا الدمار، فبعد إرهاب المغول تعج اليوم بإرهاب العناصر الظلامية
الحاقدة على كل فرح فيها، وشارع الكفاح الذي دخلناه من محلاته وأولها باب الشيخ وتحدثنا عن تلك المحلة بما تستحق ولكن لم نتحدث عن شيخ شارع الكفاح ذلك الولي الصالح الذي نال رضا الله ومحبة الناس بعمله ودينه ونقاء تأريخه الطويل وكرامته التي جعلته قبلة المسلمين الزائرين له من جميع بلدان العالم. العودة إلى بغدادانه الشيخ عبد القادر الكيلاني المولود عام 1098 والمتوفى 1166 ميلادية، ويتصور البعض أنه فارسي من مدينة كيلان، لكن الحقيقة انه مولود في مدينة كيلان الواقعة شمال إيران على ضفاف بحر قزوين، ولكنه علوي الأصل ويرجع بالنسب الى الإمام الحسن (ع) بن الإمام علي ابن أبي طالب (ع)، فهو ابو صالح السيد محيي الدين عبد القادر الكيلاني بن السيد أبي صالح موسى بن السيد عبد الله بن السيد يحيى الزاهد بن السيد محمد بن السيد داود بن السيد موسى الجون بن السيد عبد الله المحض بن السيد الحسن المثنى بن السيد الإمام الحسن بن الإمام علي بن ابي طالب، وسبب ولادته في إيران أن عبد الله المحض وهو احد أجداده هاجر من العراق الى بلاد فارس وسكن في تلك المنطقة، لكن الشيخ عبد القادر عاد الى بغداد لغرض الدراسة، ودرس الشيخ عبد القادر في مدرسة الشيخ ابو سعيد المخزومي الكائنة في محلة باب الازج كما يقول الشيخ ابو احمد المقيم في الحضرة القادرية، وباب الازج هو محلة باب الشيخ الحالية، ومجيئه إلى بغداد كان في زمن تسود الفوضى فيه الدولة العباسية، حيث كانت الحملات الصليبية على الشام في ذروتها، ويضيف احمد أن الشيخ تفقه على يد مجموعة من شيوخ الحنابلة. ثلاثون عاماً من الدراسةومن بينهم الشيخ ابو سعيد المخزومي، وتأثر كذلك بابي حامد الغزالي، فبرع في المذهب الحنفي وكذلك في الخلاف والأصول وقراءة الأدب وسماع الحديث على ايدي كبار المحدثين واستمر بالدراسة لمدة ثلاثين عاما ليدرس علوم الشريعة وأصولها وفروعها. ويقول الشيخ احمد، وما أن رآه الشيخ أبو سعيد المخزومي يبرع في الدراسة، كلفة بالوعظ ثلاثة ايام في الاسبوع بمدرسته. اما مدرسته القادرية فقد بناها عام 1133 وسميت باسمه وكان يفتي فيها على مذهبي الإمامين الشافعي واحمد بن حنبل، وكان يلقب بعدة ألقاب لورعه وعلمه مثل تاج العارضين و (محيي الدين)، وشيخ الشيوخ، ورزق بأولاد كثر حيث تقول الروايات بأن عددهم بلغ (49) ولدا واشتهر منهم ثمانية فقط أعلمهم ولده الشيخ عبد الوهاب، وقد وصفه احد الشعراء (باز الله) حين قال:إن باز الله سلطان الرجالجاء في عشق ومات في كمال وللشيخ الكيلاني وقف خاص يسمى بالوقف القادري كما يقول حجي فيصل عرب أما الوقف السني فهو للأشراف فقط. مكتبة تضم 40 ألف كتابوأنت تدخل الصحن القادري تذهل لروعة البناء ودقة التشييد حيث ستفاجئك المئذنة الكبيرة او البيضاء وتم تشييدها في العصر العباسي، والتأريخ (904) هـ هو ليس للتشييد وإنما للتعمير، وتتصل المئذنة بالجناح المجاور بجسر بني بالطابوق على قوس مدبب، وعلى يسارك ستجد رواقا فسيحا، تكثر فيه الشبابيك الخشبية العالية وهو يعرف بالرواق الشرقي وتشير النصوص التأريخية انه بني عام 1674 ميلادي، وبالإضافة إلى الرواق هناك حجرات لإيواء ضيوف الشيخ من الزائرين من جميع دول العالم، وجدت هناك زائرين من الهند وبنغلاديش وباكستان وجنوب إفريقيا وإيران وغيرها من دول العالم كما يقول احد خدمة المرقد وهو مصري الجنسية ويعمل في الحضرة القادرية منذ عشرين عاما، وهناك المكتبة التي تضم نفائس الكتب وتعد من اكبر المكتبات في الشرق الأوسط حيث تضم 40 ألف كتاب في شتى العلوم فضلا عن المصاحف المذهبة كما يقول الحاج فيصل عرب.طبيب أسنان من جنوب إفريقياويقول باسم محمود وهو احد خدمة الحضرة ووظيفته مرافقة زوار الشيخ عبد القادر الذين يواكبون على زيارة مراقد الأئمة في الكاظمية والنجف وكربلاء وسامراء وكذلك زيارة سلمان باك، حيث فيها -كما يقول سمير- ثلاثة قبور وهي لحذيفة اليمان، وسلمان المحمدي وعبد الله بن جابر، ويبين سمير ان الزائرين القادمين من مختلف دول العالم يفضلون الإقامة في جناح الضيوف التابع للحضرة القادرية تبركا وتقربا لشيخ الكرامات، وهم يقدمون العطايا والأموال للمعوزين فضلا عن شرائهم وجبات أكل جاهزة للعوائل المتعففة، ويوضح سمير ان الزائرين حتى الفقير منهم لا يبخل بماله على المتعففين وخدمة الحضرة القادرية. وأشار سمير إلى رجل كبير السن كان متوجها لجناح الضيوف قال انه دكتور أسنان من جنوب إفريقيا يقيم منذ عشرة أيام في الحضرة. وأنا انظر الى باب خشبي كبير يعلو فوقه العلم التركي وهو بقايا الاحتلال العثماني للعراق، رغبت أن أبوح بشيء لهذا الباب الذي يعود بناؤه إلى عام 1874 ميلادي فقلت ما قاله شاعرنا وليد حسين في قصيدته يا أيها المسبوك في قلق:من أين أبدأ في المسير وأنا المؤجج كالسعير وانا المحجم من ضغوط العيش من جهة المصيرففتحت عيني كي أراك فكان قلبي ف