TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: مرعــى الغـــــزلان

السطور الأخيرة: مرعــى الغـــــزلان

نشر في: 16 نوفمبر, 2011: 10:12 م

 ســـلام خـــياطلا أدري من هو ذاك الخبير النحرير، المفكر حاد الذكاء، الألمعي، اللوذعي، الفارس الصنديد، الجهبذ، الحصور الطهور، البطل الفطحل،الذي لا يضاهيه ند ولا جار، الذي لا يشق لصولاته غبار، فريد زمانه، وحيد أقرانه، طويل الباع، كثير الأشياع.... ذاك الذي اقترح وقرر، وصار اقتراحه قرانا وقراره قانونا نافذا بحق الملايين الملتاعة التي قدر عليهم أن يكونوا عراقيي الأصل والفصل والمحتد، أبا عن جد وجد، الذين كتب عليهم العيش في العراق والموت فيه...
 ثكلته أمه ذاك الذي قرر إسقاط كل الأوراق الثبوتية التعريفية القديمة للعراقي واستبدالها بأخرى انتحلت لها أسماء شتى، فهي بطاقة ذكية، أو فوسفورية، أو بلاستيكية، دون توفير الحد الأدنى من وسائل وطرق الحصول عليها مع التشديد على إبرازها –الجديدة- مع كل معاملة،، إذ لا يحق لك التقديم على أي عمل أو إشغال أية وظيفة ابتداء من التسجيل بالمدرسة أو الانتساب للجامعة، أو توثيق معاملة زواج أو عند تسلم الراتب التقاعدي، او تسلم ما تبقى مما يسمونه شعير الحصة التموينية التي لا تصلح بعض موادها حتى كعلف للماشية، إن إلغاء المستمسكات الثبوتية بحجج شتى،، منها مواكبة تكنولوجيا العصر، ومنها اتقاء تزوير، ومنها ومنها..  ستكون مقبولة لو هيئت لها وسائل الاستبدال وانسيابية المعاملات، عبر تكريس كادر كفء ومدرب ونزيه عبر آليات عمل حديثة ومتطورة، أما أن تكون وسيلة دنيئة للابتزاز تدفع المواطن لدفع المقسوم وهو صاغر، وتحت شرط إذعان جائر فذاك لا يرتضيه ضمير ولا يقره شرع ولا تجيزه أبسط القوانين إن اشتراط إبراز جمس مستندات - حديثة- تعسف فاضح، وإلا فما من معاملة تنجز وما من نوال للمواطن يتحقق، وما من دولة تحترم مواطنيها تلزمهم بإبراز خمس وثائق (شهادة الجنسية، الفسفورية، هوية الأحوال المدنية الفسفورية، بطاقة السكن مصدقة من الكاتب العدل، بطاقة تأييد من المجلس البلدي معززة بشهادة شاهدين عدلين، البطاقة التموينية بطبعتها الجديدة.تلك الوثائق..يعلم المسوؤل كم تكلف المواطن رهقا لإصدارها ماديا ومعنويا ونفسيا.... إن حصر إصدار تلك الوثائق في دائرة واحدة في كل منطقة، وتوفير وسائل إصدارها، ووضع عقوبات صارمة بحق الموظف الذي يعرقل معاملة أو يرتضي هدية لتيسيرها يمكن أن يضع حدا للرهق الذي يلاقيه المواطن،إن إدعاء العي والعمى والصمم من قبل هذا المسوؤل أو ذاك -عما يجري على الساحة وعما يكتب في الصحف، من خروق ومظالم- جريمة لا  تغتفر، وإن كنا ندري -حقا ندري- إن المرعى خصب ومعشوشب ومغر، والرعاة مشغولون عنا بالعزف على ناي ورق وربابة وقانون، فلنشرب دموعنا  طوعا أو حبر أقلامنا كرها، ولنتعفر برماد كلماتنا  فجيعة..ولندع الغزلان ترعى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram