بغداد / العدالة والناسماذا يحدث في محاكم الأحوال الشخصية عندنا في بغداد؟ ... ولماذا انطلقت هؤلاء النسوة بعد هذا العمر لكي يطلبن الطلاق والتفريق؟ .. تساؤل نجيب عليه في واقعة هذه القضية المثيرة التي أثارت اهتمام الباحثين وخبراء المجتمع نتيجة تفشي ظاهرة الطلاق من قبل النسوة المسنّات وهن في أرذل العمر!
بطلة قصتنا امرأة فوق الستين ربما تجاوزت هذه السن بسنة أو اثنتين وعلى الأكثر خمس سنوات ، لكنها تأبى أن تكشف عن عمرها الحقيقي وتحاول أن تتمرد على كل قوانين الطبيعة وأحكام الزمن لكي تبدو أصغر سناً ... يبدو ذلك واضحا من ملابسها وتصفيف شعرها وحتى ابتسامتها التي تكشف عن خبث وتعالٍ وإصرار على التكابر ... كل ذلك من أجل أن تبدو كفتاة في الخامسة والعشرين أو على أقصى تقدير امرأة ناضجة في الأربعين من عمرها وهي تخرج من ذلك ... لكنها لا تعلم أن الزمن لا يقهر والأيام لا تأبى أن تنصرف دون أن تترك آثارها وبصماتها التي لا تمحوها مساحيق التجميل أو الشعر المصبوغ أو حتى الألوان الزاهية والعمليات التجميلية وشدّ الوجه والعضلات! فقد كانت تلك المرأة تسير في أروقة المحكمة بجوار محاميها الشاب مختالة بنفسها تشعر بأن خطواتها تترجمها العيون بإعجاب سواء من النساء أم الرجال ، لكن الأكثر للرجال التي تظن أن نظراتهم سهام شريرة تكاد ترشق في جسدها الممشوق كلما تبخترت في ساحة المحكمة بجوار محاميها الشاب الذي لا يتجاوز الثلاثين من عمره وهي تظن أنها تلفت كل الأنظار لها لا محالة !.. وقد صدق حدسها فقد كانت بالفعل محط أنظار الجميع ، لفتت انتباههم بفستانها الخفيف الذي يكشف عن ساقيها وحمالة الصدر السوداء بشكل واضح ومثير الذي لا يليق إلا بفتاة في العشرينات وليس امرأة عجوز تخطت حاجز الستين كذلك شعرها المستعار بـ(باروكة) شقراء اللون التي تغطي بها شعرها الذي اشتعل شيبا وعجزت خصلاته عن الاستجابة لصبغات الشعر بكل ألوانها وكل أنواع الأصبغة الفرنسية والانكليزية فباتت ( الباروكة) هي الحل الأمثل الذي تواري به عورة رأسها ... واُصطبغ وجهها بمساحيق تجميل اختفت بين ثنايا ووديان وجهها فتشققت وظهرت كالمسخ شيء واحد لم تستطع أن تبدله أو تستبدله، ونظارتها المقعرة (جعب استكان) التي تبتلع نصف وجهها وتختفي وراءها عيناها الذابلتان . بمنظرها هذا كانت تلفت الانتباه وليس غريبا أن نراها تسير أمام رجلين أو سيدتين، فيلكز كلاهما الآخر لينبهه لهذه المرأة المسنة المتصابية وهي تترنح في خطواتها فيكتما ضحكاتيهما سخرية منها، بينما هي لا ترى في هذه الضحكة المكتومة سوى ابتسامة إعجاب بها، وبما تفننت في عمله لكي تصير جميلة الجميلات من هن في مثل عمرها!.. لم يجذب انتباه أحد أن يسأل لماذا أتت هذه المرأة المسنة إلى محكمة أحوال الشعب ، فلربما حملت هيئتها ألسنة أحوالهم بعيداً عن هذا السؤال، لكن الأمر برمته اكتشف بعد قليل عندما بدأ الجميع بالدخول إلى قاعة المحكمة إيذاناً ببدء الجلسة وأخذ كل واحد مكانه على المقاعد المصفوفة في باب غرفة القاضي، وكأنهم في قاعة سينما ينتظرون مشاهدة عروض أفلام واقعية كتب لها أن تكون جميع مشاهد النهاية هنا في غرفة القاضي !.. انتفض الشرطي مذعورا كمن أفاق فجأة على دخول القاضي والمحامين وكتاب الضبط إلى القاعة ولم يكن يتوقع حضورهم في الساعات الأولى للصباح . فعلى صوته ينتبه الجميع لمناداته على الأشخاص الذين يسمح لهم بالدخول وحضور مرافعاتهم ... وبدأت ملفات القضايا تتوالى حيث ارتفعت أصوات الشرطي بالمناداة على المتخاصمين .. حتى جاء موعد قضيتها ونادى على اسمها (ش –ع ) دخلت مع محاميها ووقفت أمام القاضي بجوار المحامي الذي لخص الدعوى في أن موكلته تطلب الخلع من زوجها (ب) لأنها تخشى على نفسها الفتنة كما تخشى ألا تقيم حدود الله !.. في تلك اللحظات ارتفعت حواجب كل من في الغرفة وامتدت في علامات تعجب ظهرت على كل الوجوه وأثار ما قاله محامي المرأة المسنة فضول الجميع ... وهنا شعر القاضي بأن القضية تحتاج إلى مناقشة المدعين فطلب منها أن تقترب منه ليسألها ، وسألها عن أسباب التفريق وأجابت قائلة : تزوجته منذ 40 سنة تقريبا لكنه في الفترة الأخيرة ومن عشر سنوات تقريبا هجرني ولم يعد يحبني ! وبدأت أشكو له وحدتي لكنه لا يستجيب ... تزوج أولادي وأنجبوا وتركونا أنا وهو بمفردنا في بيت عتيق مساحته لا تتعدى 150 متراً... زوجي يمكث طوال اليوم أمام شاشة الفضائيات وفي الليل يأخذ كتابه ويذهب للشرفة ويتركني وحيدة وأخيراً لم استطع أن أعيش معه هذه العيش،ة فحياتي لا تزال فيها بقية ، لا يجب أن أنتظر الموت كل صباح على بابي لابد من أن أعيش حياتي من جديد أستمتع بكل ما فيها وأنا والحمد لله سيدة ثرية وأستطيع أن أستمتع بأموالي كيفما يحلو لي ... لم تضف كلماتها إلا فضولاً وتعجبا ليس للقاضي فقط وإنما لجميع من كانوا في الغرفة ... ونظرات المحامين والقاضي أربكت المحامي الشاب الذي شعر بحرج في عرض قضيته وهنا استدار القاضي بنظره إلى محامي الزوج وطلب منه أن يرد ويعطي مبرراته لما تقوله وتدعيه السيدة (ش) . وقف المحامي وهو يتنفس الصعداء وتلا آية من الذكر الحكيم تؤكد أن هذه السيدة تعيش أرذل العمر، وأشار بيده إلى رجل مسن في السبعين من عمره يرتدي قبع
بعد عشرة استمرت أربعين عاماً.. سيدة تطلب الطلاق من زوجها
نشر في: 18 نوفمبر, 2011: 07:08 م