TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان :الدستور أم توافقات الاحزاب؟

كتابة على الحيطان :الدستور أم توافقات الاحزاب؟

نشر في: 18 نوفمبر, 2011: 08:49 م

 عامر القيسي لا ندري ان كان لدينا الآن دستور يمثل مرجعية حقيقية للمشكلات التي تعترض العملية السياسية أم اننا أمام توافقات حزبية  أعلى وأكبر من الدستور، الوقائع تجيبنا على هذا السؤال ، وهي اجابة مخيبة للآمال بكل المقاييس . فليس لدينا سياسيون يلتزمون بالدستور أو بروحه ولا هم جادون في اجراء التعديلات عليه والدليل لدينا لجنة مشكلة منذ سبع سنوات مهمتها اقتراح التعديلات الدستورية لكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحينا  حتى ان اللجنة ربما اصبحت جزءا من الماضي !
وهذا يعني بكل وضوح ان البلاد تسير وفق توافقات حزبية ، وان الدستور تحت الطلب فقط متى ما كانت نصوصه وتفسيراتها توافق المصالح الحزبية . و اركز على المصالح الحزبية لان التوافقات لو كانت جرت وتجري وفق سياقات سياسية محترمة وتلبي مصالح التكوينات الاجتماعية العراقية ، لكنّا نجد بعض المبررات التي تسوّق قبول ممارسات وضع الدستور جانبا ، الذي كتب في ظروف خاصة ومعقدة ، لصالح مستجدات سياسية تخدم العملية السياسية وتطورها . ونقولها بكل وضوح أن الاحزاب المتنفذة تلوي عنق الدستور مرّة وتتجاهله مرّة اخرى لصالح صفقات تجري تحت الطاولة . والاحزاب المتنفذة معروفة للجمهور العراقي وهي الحيتان القابضة على البرلمان والحكومة معا . ومن الإنصاف القول ان الكتلة الكردية الوحيدة التي تتمسك بالدستور نصا وروحا لان الدستور ربما لبى لها معظم مطالبها ولأنها الأكثر انسجاما في توجهها السياسي والأكثر قربا وحقيقة في تمثيل مكونها الكردي ، وبالتالي فان المفاوض الكردي لم يتزحزح عن نصوص الدستور في اتفاقية اربيل والذي جرى تجاوزا عليه جاء لصالح العراقية والتحالف الوطني. الذين يقدمون انموذجا لتجاوز الدستور انما يؤسسون لعكس كل شعاراتهم أولا ولان خرق الدستور وركنه جانبا وهو اعلى مرجعية نصيّة للعملية السياسية سيفتح الابواب على مصاريعها لكل انواع التجاوزات والانتهاكات في مختلف المجالات السياسية والقانونية والاجتماعية . ان هذا النوع من التأسيس لممارسات مصلحية ضيقة هو السمة البارزة في العمل السياسي الآن ، وهي السمة التي تحكم وتنظّم العلاقات بين الاحزاب تحديدا، وهي السمة التي تتحكم باتجاهات هذه الاحزاب السياسية ، لان صفقات تحت الطاولة تكون دائما مدفوعة الثمن في المواقف والمبادئ بل وحتى التضحية بمصالح المكون الذي يدعي الحزب انه يمثله بغض النظر عن صحة هذا التمثيل او عدمه !الاخطر في الموضوع ان لا احد يتصدى لهذه الظاهرة ، والسبب بسيط وواضح ، لان الاغلبية تخوض في هذا المستنقع الذي يقود البلاد الى مجموعة مصالح متناثرة حتى داخل المكون الواحد بل حتى داخل الحزب نفسه وهو ما نشهده من عمليات تشظ لكتل واحزاب على مذابح المصالح الضيقة ، التي وصلت في بعض الاحيان الى فضائح سياسية من العيار الثقيل .من سيعيد النظر في هذا المشهد ؟ ومن سيؤسس لمشهد سياسي جديد في البلاد ؟ ومن سيحترم الدستور ويضعه البوصلة التي تعينه على تلمس طريق الصواب ؟ومن سيسعى في هذا الاتجاه ؟اسئلة كثيرة من هذا الطراز بحاجة الى وقفة جادة من كل الذين يهمهم مستقبل البلاد والعباد معا ، وقفة جادة وحقيقية تنقذ الوطن مما هو فيه  ومما يمكن ان يصيبه في المستقبل القريب وليس البعيد تحديدا !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram