TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :من يحب البرلمان؟!

العمود الثامن :من يحب البرلمان؟!

نشر في: 18 نوفمبر, 2011: 09:33 م

 علــي حســـــين لا مفاجأة على الإطلاق، أن نحصل على المراتب الأولى للدول الأكثر فسادا ورشوة وتزويرا ومحسوبية وانتهازية سياسية، ما المفاجأة وبرلماننا المنتخب قرر أن يغط في نوم عميق لمدة أربعين يوما سميت استراحة الفصل التشريعي، راحة واستجمام وسط بحر من فوضى التصريحات، البعض نزل إليه مختارا بإرادته، وآخرون سيقوا إليه كالببغاوات، شعارات هنا وخطب هناك ملوثة بالجهل والتعصب تزيد الحرائق اشتعالا، ربما سيتهمني البعض بالتجني على السادة النواب فهم أناس مسيرون وليسوا مخيرين،
الأمر أولاً واخيراً بيد القادة الكبار الذين وجدوا في السلطة ضالتهم لامتطاء شعوبهم وصرفهم عن قضاياهم الحقيقية، فحشدوا للقتال في منازلة سيطلق عليها التاريخ اسم "أم المهازل" تيمنا بما أتحفنا به من قبل "القائد الضرورة" والذي يسعى العديد من ساستنا إلى السير على نهجه الميمون في الاستفراد بالسلطة، وتقريب الأحباب والأصحاب، وتحويل الدولة إلى حزب واحد يسهر على خدمته العراقيون جميعا، المهم سيعاود البرلمان اجتماعه غدا وامامه ملفات خطيرة وشائكة عليه معالجتها بعيدا عن التشنج الطائفي الذي لايريد ان يغادر وجوه البعض .. سيعود البرلمانيون الى عملهم وسيقول البعض متهكما، وماذا بعد؟.. هل عودتهم ستعيد الاستقرار السياسي للبلاد، عادوا او لم يعودوا، لن تفرق كثيرا، بل ان عودتهم ستكلف الميزانية الكثير من الاموال، كما انها ستعطل مصالح الناس، وتشيع بالجو كميات اضافية من الخطب التي من شأنها أن تفاقم أزمة الاحتقان السياسي، فما الذي سيجنيه الناس من برلمان سيعيد الى مسامعهم الخطب نفسها وستمتلئ شاشات الفضائيات بمعارك تاريخية غير مسبوقة، وستتحول الجلسات إلى مناكفات شخصية ومشاحنات بين الجميع، وستغيب المعارضة الحقيقية كما غابت في السنوات الماضية، لان الجميع يريد أن يضع قدما في السلطة والأخرى في إحدى دول  الجوار ، الكل في معسكر واحد هو معسكر البقاء على المقاعد، وإن اختلفت وسائل البقاء، البعض يعتدل ليبقى والبعض الآخر يمانع ليبقى أيضا، فهم ينتمون الى واقع سياسي لايفرق بين ممانعة والاعتدال، وهم يختلفون في درجة قربهم من المنافع  وليس في درجة قربهم من الناس .. بعضهم واضح كالشمس ومتسق مع ما يقوله، فيما آخرون يرتدون مسوح الفلاسفة ويتحدثون بحذلقة شديدة يتوارى أمامها جهابذة المنطق وعلماء الكلام وأساتذة البلاغة خجلا، إلا أنهم في نهاية المطاف يلتقون مع أقرانهم من المسؤولين في نقطة واحدة وهى «البقاء على الكرسي والحفاظ على المنافع"، سيملأون السموات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد والدفاع عن قضايا الشعوب، لكنهم يعجزون عن مناقشة قانون يصب في مصلحة الناس، ففي إحصائية مثيرة عن نشاط البرلمان العراقي يتبين للمطلع أن البرلمان خلال دورته هذه لم يعقد سوى 65 جلسة وان عدد الأيام التي حضر فيها البرلمانيون إلى قبة البرلمان لم تتجاوز السبعين يوما، أما عن القوانين التي أقرت لصالح الناس فحدث ولا حرج.من المؤكد أن كثيرا من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمما وشعوبا كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوما إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حية وفاعلة للتغيير.قد لا يعجب هذا الكلام الكثير من البرلمانيين الذين سيسارعون إلى إلقاء المسؤولية على الحكومة، ويغيب عن هؤلاء أنه لا توجد حكومة تساعد البرلمان على أن يحل محلها. اليوم لدينا إعلام يوجه أطنانا من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين كبارا وصغارا، لكن معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقرونا بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علنا بفسادهم.وفي أوضاع كهذه من حق العراقيين ألا يبالوا باجتماع برلمانهم الموقر،  وان لايقعوا في غرامه والسبب لأن بضاعته قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي فهي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram