د. سعد بن طفلة العجمي محاولة تفسير الامتناع العراقي عن التصويت ضد النظام السوري الذي يقتل شعبه تصطدم بتفاسير تفندها أخرى. فقبل أيام، صوتت الجامعة العربية بتعليق نشاطات- لاحظ نشاطات وليس عضوية- الوفود السورية الرسمية بالجامعة، ومنحتها مهلة ثلاثة أيام لتنفيذ المبادرة العربية بوقف حمام الدم ضد الشعب السوري. المهلة مددت في الرباط باجتماع وزراء الخارجية العرب الذي قاطعته سوريا، وحمام الم لم يتوقف.
لكن العراق "الرسمي" امتنع عن التصويت على قرار تعليق النشاطات السورية، وهو قرار إدانة مخفف للنظام السوري على ما تقترفه يداه ضد شعبه. وقد حار المتابعون لفهم الموقف العراقي من هذا التصويت عدا في دول الخليج العربي، ففي الخليج هناك انطباع عام بأن التصويت العراقي دافعه إيراني والسلام، وتفسيره توافق رسمي عراقي مع إيران التي لا تزال تقف إلى جانب حليفها البعثي السوري بدمشق، على الرغم من أن إيران- وحلفاءها في العراق- يرون البعث كفرا صراحا في العراق، لكنهم يرونه ورعا وتقى في دمشق!! وما زالت إيران وحلفاؤها في العراق، يسعون حثيثا لاجتثاث البعث العراقي بالعراق، لكنهم يريدون الحفاظ على البعث بسوريا!! إذن التفسير الخليجي ببساطة، هو أن العراق يقف إلى جانب نظام سوريا بأوامر إيرانية. العراق الرسمي فسر تصويته بالامتناع بحجة أن القرار جاء مخالفا لميثاق الجامعة وقانونها ذلك لأنه لم يحظ بالإجماع!! ولكن الصغير والجاهل قبل الكبير والعالم يدرك أن الإجماع في مثل هذه الحالة بإدانة سوريا مستحيل بوجود حكومة حزب الله-ميقاتي بلبنان واستمرار حكم علي عبدالله صالح بصنعاء، كما أن مسألة الإجماع على قرارات الجامعة سقطت منذ العاشر من أغسطس / آب عام 1990 بفعل غزو صدام حسين للكويت، واستمر هذا اللاإجماع في حالة ليبيا التي علقت عضويتها مع بداية حرب الإبادة القذافية ضد الشعب الليبي عام 2011. والإجماع مسألة معيبة لحكومة العراق الرسمي التي تدعي أنها جاءت بالانتخابات والديمقراطية، فالديمقراطية تتنافى تنافيا تاما مع الإجماع، والإجماع العراقي بنسبة مئة بالمئة لم يتحقق إلا في آخر انتخابات لرئاسة صدام حسين قبل سقوطه بشهور فقط، وبالتالي فإن الإجماع ثقافة صدامية، كان يفترض بالعراق الرسمي أن ينأى بنفسه عنها قدر إمكانه في سيره نحو الديمقراطية وحكم الغالبية وليس الإجماع الذي يتطلب موافقة الجميع. كما أن التحجج بقانون الجامعة العربية من قبل العراق الرسمي كلام "مأخوذ خيره"، فمتى حرص العراق الرسمي الجديد على نظام الجامعة أصلا وهي التي بقيت حتى الرمق الأخير من نظام صدام وهي تحاول إنقاذه بقيادة أمينها العام السابق عمرو موسى؟ وهل سيحرص العراق الرسمي على قوميته العربية وانتمائه العربي في المحافل والمناسبات كافة ؟ أم أن تصويته انتقائي في هذه الحالة دفاعا عن بعث سوريا؟ العراق الرسمي عانت قياداته الحالية دون استثناء من البعث العراقي، بل استمر يتهم البعث بجرائم الإرهاب الحالية، فلقد أعلن العراق الرسمي أكثر من مرة أن بعث سوريا يقف وراء العمليات الإرهابية بالعراق، بل أن رئيس الحكومة العراقية السيد نوري المالكي اتهم سوريا صراحة بتفجيرات الأربعاء الأسود بأغسطس عام 2009، وطالب بتسليم قيادات بعثية هاربة تعيش في سوريا لاجئة، فما الذي تغير؟ ولماذا هالبعث غير؟؟ أكاديمي وكاتب كويتي
جسر :هالبعث غير؟
نشر في: 19 نوفمبر, 2011: 06:27 م