عالية طالب جميل ان تتحرك الجامعة العربية التي تأسست في القاهرة عام 1945، وكانت لحظة إنشائها تضم كلا من مصر والعراق ولبنان والسعودية وسوريا وشرق الأردن (الأردن منذ عام 1946) ورغم استبشار العرب بوجودها الذي تخيلوا انه سيكون فاعلا ومهما إلا أن السنوات أثبتت ضعف قراراتها وسلبيتها وتحكم مراكز النفوذ وجهات أجنبية في قراراتها، لكن الجميل الذي استفزنا هو تحركها باتجاه الإحداث التي تشهدها سوريا وهو ما جعل الجامعة تتخذ قرارا بتجميد عضويتها رغم أنها دولة مؤسسة،
وسحب سفرائها منها إلى حين اتخاذ إجراءات حقيقية بوقف العنف ضد المدنيين!إلى هنا والأمر مؤثر ومهم ولكن تتقافز في عقولنا العربية جملة من الأسئلة باتجاه الجامعة العربية التي غابت وصمتت قراراتها باتجاه العراق عام 1991 في الانتفاضة الشعبانية التي أباد فيها النظام السابق آلاف الأرواح البريئة من نساء وأطفال وشباب وشيوخ لمجرد أنهم انتفضوا على خيبته العسكرية في دخول الكويت! ولم تسأل الجامعة التي كانت شبه متضامنة مع ذلك النظام عن السجون التي ابتلعت مواطنينا والمقابر الجماعية التي غيبتهم. وتعيد هذه الجامعة سيرتها المزدوجة وهي تصمت عن أحداث البحرين منذ 14 فبراير/ شباط 2011، حتى الآن، فيما تستمر البحرين وبمساعدة السعودية بنشر دباباتها ومركباتها العسكرية التي تقتل الجميع بلا استثناء الذين تمحورت مطالبهم بدستور جديد للمملكة يتم بموجبه انتخاب الحكومة من قبل الشعب، فهل هذا الأمر ليس له علاقة بحفظ أرواح المدنيين الذين عتمت وسائل الإعلام على ما يجري لهم ونشطت باتجاه سوريا ليلا ونهارا. وذات المشهد يتكرر مع اليمن الذي يعيش مأساة إنسانية مشابهة للبحرين ويستلم ردا سلبيا من هذه الجامعة التي تكيل بمكيالين وربما بثلاثة وحسب ما تقتضي مصلحة الدول الكبرى والمتنفذة الموجودة فيها!وان كان الشعب اليمني قد استطاع إيصال صوته وطالب بان تجمد عضوية اليمن في الجامعة أسوة بسوريا فإن صوت الشعب البحريني لم يستطع حتى الوصول إلى الإعلان بفعل التعتيم القاتل الذي يعيش فيه والذي بسببه يقتل الشعب يوميا بكل برودة دم وبمباركة سعودية وخليجية وصمت دولي وعربي ومؤسساتي وكأن هناك فارقا ما بين الدماء العربية حسب انتماءاتها المذهبية، وهو الشعار غير المعلن على السطح والمتبنى عربيا من قبل دول عدة باتجاه محاربة الدول والتدخل في أوضاعها الداخلية حسب المذهب الذي يروق أو لا يروق لدول الجامعة ورئاستها الحكيمة.مؤكد أننا لا ندافع عن الظلم باتجاه الشعوب ، ولا نقصد أن سوريا بريئة من دم من سقط من مواطنيها ولكن لابد من النظر إلى مجمل الأوضاع العربية بحكمة ونزاهة وشعور بالمسؤولية حتى لا تعاد أحداث تأريخ العراق بكل ما مر به من إهمال عربي وصمت متخاذل وإبقاء على الظلم لأسباب سياسية بحتة، وهو ما يحصل الآن في البحرين واليمن وحتى العراق الذي تساهم العديد من دول الجامعة في إدامة الإرهاب فيه وتصديره إليه لأسبابها السياسية التي تتبناها الجامعة بكل حب وترحاب!
وقفة :البحرين وسوريا.. وجهان لعملة سياسية
نشر في: 19 نوفمبر, 2011: 07:00 م