علاء حسن قبل ايام نشرت صحيفة تصدر في دولة اوروبية لقاء مع سياسي عراقي ، وكان اللافت في اللقاء، ان السياسي الذي يشغل مقعدا في مجلس النواب تخلى عن زيه الذي عرف الناس به، وظهر بشكل آخر، وللرجل الحق في اختيار الزي الذي يريد، ولاسيما انه في بلد لا يعرفه فيه احد ، وباستطاعته التجوال في شوارعه واماكنه العامة من دون عناصر الحماية وزعيق سيارات موكبه حينما يكون في بغداد .
حديث النائب لم يتضمن شيئا جديدا، وجاء في اطار العموميات وتكرار الاحاديث السابقة ، مع تركيز على حرص العراق على تطوير علاقاته الدولية، والانفتاح على الغرب بما يخدم مصالح الشعوب ، عبر تقارب الاديان ونبذ التشدد والتطرف ، فاثبت السياسي بزيه الجديد انه اكثر انفتاحا عندما ارتدى بدلة عصرية ، وحلق ذقنه "نمرة صفر " فاعطى صورة بلا رتوش لدفاعه عن الحريات الشخصية.هذا النموذج من السياسيين يستجيب بسرعة للعوامل الجغرافية ، وتصريحاته تنطلق من تاثيرات المكان ، فحينما يكون في عاصمة اوروبية، يحرص على الحديث عن التسامح والتآخي ، ويتجاهل الاشارة لتعدد الزوجات ومحاربة الموسيقى واعرق المسارح ودور السينما وينكر تاثير الاسلام السياسي في فرض افكاره وتوجهاته بالقوة على الاخرين . مايعرف عن السياسي عضو مجلس النواب، انه كان احد المشاركين في كتابة الدستور، في لجنة فرعية ضمت آخرين يحملون افكاره، وضعت للاحوال الشخصية ضوابط واحكاما في اطار الشريعة، ومن مآثره انه كان احد الدعاة البارزين لإقامة نظام بهوية دينية، لاعتقاده بان هذا التوجه هو الطريق الوحيد لبناء دولة مدنية.من المستحسن اطلاع العراقيين على اللقاء والتعرف على صاحب الصورة بالزي الجديد للتاكد من حقيقة التاثير الجغرافي في سلوك الفرد فارتداء البدلة والتخلي عن العقال والجراوية والعرقجين يشير الى الانفتاح على التطور الغربي، ومحاولة تقليده بالشكل، وليس بالسلوك، لان العقل العربي متهم بالانغلاق بحسب بعض الغربيين، ويعاني عقدا كثيرة من ابرزها كراهية الاخر المستعمر المستبد السارق لثروات الشعوب .في الايام المقبلة سيظهر السياسي بزيه المعروف ليقول ما اعلنه سابقا حول اهمية التمسك بالتقاليد والاعراف للحفاظ على وحدة المجتمع ، والالتفاق حول الحكومة المنتخبة ، ومساندتها ودعمها لحين تحقيق اهدافها عبر تطبيق برامجها المعروض للتصويت امام مجلس النواب.معظم السياسيين العراقيين يعتمدون لهجة اخرى في الحديث والتصريح عندما يزورون عواصم عربية واجنبية ، فيظهر بشكل واضح تاثير المكان على امزجتهم ، فيختارون العبارات الشفافة والمتفائلة ، ويحرصون على اثبات احترامهم الرأي الاخر بكل رحابة صدر ، وباريحية وابتسامات عريضة ، وهذا السلوك الحضاري يكون خلف الحدود ، حينما يصل اصحابه الى العراق ، فيلبسون الوجه "الجينكو " ويثيرون الخلاف بتبادل الاتهامات ، لان الاوضاع المحلية لا تشجع على اطلاق عبارات رددوها في لندن وباريس وانقرة ، لانها لا تصلح للاستخدام في الحويجة وسوق الشيوخ ، والطارمية ، وحتى في المنطقة الخضراء .
نص ردن: حديث الجرّاوية
نشر في: 19 نوفمبر, 2011: 07:17 م