د. ضياء المنشئrnأبدا تسترد ما تهب الدنيا فليت جودها كان بخلا ما أعمق الحزن الذي ينتابنا عندما يرحل عن الدنيا إنسان نعرفه فما بالكم اذا كان هذا الإنسان عالما جليلا من طراز الأستاذ الدكتور نجم الدين السهروردي وهو علم من إعلام العراق وعمود شامخ من أعمدة الفكر والثقافة والفلسفة والإبداع الرياضي في العراق بل وفي عموم الوطن العربي.
منذ أسبوعين طار نبأ من لندن يعلمنا برحيل نجم الدين السهروردي عن عمر ناهز الـ89 عاما فدجا ليل الرياضة العراقية برحيله اذ نشعر بعظم الخسارة وفداحة الفقدان لما قدمه الفقيد من علم نافع واعمال أكاديمية مهمة ومثمرة بين كتاب ورسالةrnوبحث في مجال التربية البدنية والرياضة والفكر الاولمبي فضلا عن بروزه رياضيا شاملا في مطلع شبابه في أربعينيات القرن العشرين، بل كان الرياضي الأبرز في العراق واقترنت باسمه معظم الأرقام القياسية العراقية في العدو والوثب والقفز كما تألق في الملاكمة والكرة الطائرة وكرة السلة من دون ان يجاريه رياضي من أبناء جيله.rnولد الدكتور نجم الدين السهروردي عام 1920 في محلة جديد حسن باشا ببغداد وبدأ دراسته الابتدائية في مدرسة الباروردية وحي ذات المدرسة التي درس فيها اكرم فهمي مؤسس الحركة الرياضية في العراق ثم انتقل السهروردي الى مدرسة الأمريكان للبنين ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه في التربية البدنية من ألمانيا.rnينتمي الفقيد الى عائلة السهروردي وهي عائلة عراقية عريقة النسب والحسب والى بيت مشهود له في الأوساط البغدادية بالعلم والثقافة والأدب والدين واتصف الفقيد بصفات شخصية متميزة مثل الذكاء، الفطنة، التواضع، الإيثار، العلم الغزير، المعرفة الواسعة، الثقافة الراقية، واحترام صفة (الإنسان) في الآخرين وكان للراحل حضور مهيب بفضل شخصيته الكاريزماتية وطلاوة الحديث وسعة العلم وفضاءات لا حد لها في طموحاته وآماله وأحلامه في تلمس نهضة رياضية حقيقية في البلاد.rnوبلغت عنده محبته التراث والتاريخ الرياضي مبلغ الشغف والعشق ووصل حب فلسفة التربية البدنية والرياضة والثقافة الاولمبية حدّ تكريس كامل جهوده وطاقاته ووقته في الغوص في بحورها العميقة والدليل غزارة إنتاجه وإصداره العديد من المؤلفات العلمية المرتكزة الى مداخل فلسفية عميقة في البحث والتحليل والنقد والاستقراء والاستدلال ولم يقترب منه احد في هذا المجال لا في العراق ولا في الوطن العربي.rnومن يطلع على مؤلفاته يجده حريصاً اشد الحرص على أقران مفردتي (الفلسفة) و(التاريخ) في بادئة العناوين للكتب التي ألفها وأشهرها (رأي في فلسفة اللعب) و(الموجز في فلسفة وتاريخ التربية الرياضية).rnوالكتاب الأخير أصدره عام 1980 واستعرض في ثناياه تاريخ الحركة الرياضية في العهود الغابرة وفي العالم القديم وفي حضارة وادي الرافدين مبرهنا بالدلائل التاريخية أثر الإنتاجين الأدبي والفني العراقيين في تاريخ الآداب والفنون والرياضة في العالم.rnوأسهب في التعريف بملحمة جلجامش وإبراز شخصية جلجامش نفسه باعتباره أشهر بطل سومري وآخر ملوك السلالة الأولى لمدينة (أورك) الوركاء.rnوكان جلجامش أسطورة عند السومريين لما امتاز به من قدرات بدنية هائلة وقوى عضلية خارقة وكان يصارع الوحوش الضارية فيصرعها وينتصر عليها وبخاصة ذلك الثور السماوي الذي هيئته له الآلهة عشتار ليقتل جلجامش عندما رفض مشروع الزواج بها وينبئنا السهروردي في كتابه (ملحمة جلجامش والفكر الرياضي) بان اسم جلجامش شاع وانتقل اسمه الى معظم آداب وفنون الشعوب القديمة أو إن أعماله نسبت الى أبطال الأمم الأخرى التي شاعت فيما بعد كهرقل والاسكندر ذي القرنين واوديسوس الاغريقي بطل ملحمة اوديسة المشهورة وملغرت وغيرهم من الاسماء المشهورة في البطولات والأساطير التاريخية.rnانهمك الراحل السهروردي في العمل الأكاديمي وشغل منصب عميد كلية التربية الرياضية بجامعة بغداد لمدة 17 عاماً للفترة من 1963-1980 وهو من مؤسسي الكلية ويحسب له الفضل في إنشاء ميناها الحديث في الجادرية وتعد صرحا رياضيا فريداً في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط .. وحرص عالمنا الراحل على غرس حب العلم والثقافة والمعرفة في نفوس طلابه وثمة عدد كبير من الأساتذة الذين تعج بهم رحابات كليات التربية الرياضية في العراق يدينون له بالجميل لانه كان يحثهم على السعي الأكاديمي وطلب المعالي في ميدان العلم والدراسة والبحث والعمل الميداني في الرياضة.rnوعمل الدكتور نجم الدين السهروردي في الميدان الاولمبي وشغل منصب نائب رئيس اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية عام 1963 واستمر يعمل في الهيئة التنفيذية حتى عام 1977 وهو صاحب فكرة تأسيس أكاديمية اولمبية تابعة للجنة الاولمبية العراقية تقوم بنشر الثقافة والفكر الاولمبي طبقا لأهداف اللجنة الاولمبية الدولية والميثاق الاولمبي كما انه افلح في تأسيس مركز التوثيق والمعلومات عام 1972 ضمن هيكلية اللجنة الاولمبية العراقية وللسهروردي مبادرات مفيدة وأفكار مشرقة في الإدارة والتنظيم والهيكلة في الرياضة العراقية.rnوكنت أراه محملا بهموم الواقع الرياضي العراقي في الماضي والحاضر وفي إحدى رسائله (مؤخرة في آيار 2001) التي احتفظ بها بكل اعتزاز وتقدير ومح
وداعاً فيلسوف الرياضة العراقية
نشر في: 29 سبتمبر, 2009: 09:03 م