هاشم العقابيمهما تحدثنا عن مشكلات العراقيين ومصائبهم فان مشكلة الكهرباء تظل هي ام المصائب كلها. جربوا ان تبحثوا في موقع الجوجل على الانترنت تحت عنوان "مشكلة الكهرباء في العراق" وستجدون هناك أكثر من 1,830,000 موضوع حولها.
آخر بشرى زفتها وزارة الكهرباء لنا هي ان أزمتنا الكهربائية "الوطنية" لا تحل قبل العام 2020. اي ان الطفل الذي ولد في يوم السقوط، سيكبر ويدخل الابتدائية ثم المتوسطة ومن بعدها الثانوية وهو يعيش في بيوت مظلمة وغير مكيفة لمقاومة الحر أو البرد الى ان يدخل الجامعة. انسان يدخل الجامعة وهو لم يذق طعم الكهرباء بهناء، مثل باقي عباد الله، ماذا سيكون شكل ولون تفكيره؟ قطعا أن انواع العقد المتراكمة في عقله الباطني لم تمر ببال فرويد ولا حتى في احلامه. اذن نحن بانتظار عشر سنوات عجاف أخرى اضافة للسنوات الثمانية الأعجف التي سبقتها. لا الوم وزارة الكهرباء هذه المرة، بل اشكرها لانها، على الاقل، اصدقتنا القول وفندت الوعود السابقة التي وعدتنا بها الحكومة التي من بينها ما وعدنا به رئيس الوزراء قبل تسعة اشهر تقريبا حين قال: "إنه من المعيب أن يعاني العراق الغني وصاحب الثروات أزمة في الكهرباء .. وان العراق سيكون بعد عام ونصف العام مصدر للطاقة الكهربائية وليس مستوردا لها". وقبل تصريحه هذا بأيام قليلة كان قد قال أيضا: "إن أزمة الطاقة الكهربائية ستنتهي في وقت لا يزيد عن 12 أو 15 شهراً". لو كان هذا القول لرئيس حكومة في بلدان الغرب، أو في اي بلد يحترم به البرلمان أو مجلس الامة شعبه، ويصدر بعده تصريح مشابه لما قالته وزارة الكهرباء عندنا، لوجدته مقالا ومحالا للاستجواب العام والخاص. والسبب لان للناس هناك رأيا عاما. وكل شعب بلا رأي لا يلوم الا نفسه. ويبدو هكذا نحن شعب العراق وللأسف. عشر سنوات قادمة بلا كهرباء تساوي عشر سنوات من الاذلال والهوان. وقد قالها جدنا المتنبي: "من يهن يسهل الهوان عليه". وهل هناك هوان اشد من هوان العيش بدون كهرباء لما يقارب ربع قرن (18 عاما) في بلد يعد واحدا من اغنى بلدان العالم؟ وبرغم كل ما في تصريح وزارة الكهرباء الأخير من يأس وبؤس وحرمان من ابسط الخدمات الإنسانية والعصرية، فاني ارى فيه فرصة طيبة للشعب كي يرفع صوته هذه المرة. فحكومة مثل حكومتنا، التي جربناها وجربتنا، من سيمنعها ان تعود في العام 2020 لتقول لنا سنحلها في العام 2030؟ فان قلتم الحياء من الشعب فاين هو؟ وان قلتم الخوف منه فدلوني عليه. اعتقد ان الأمل الوحيد الذي قد يمنعها هو ان نعيد الربيع لساحة التحرير حتى لا يمتد خريفنا عشر سنوات أخر.
سلاما ياعراق : عشر سنوات عجاف
نشر في: 19 نوفمبر, 2011: 09:15 م