 بغداد / أكرم عزيزشوارع بغداد دوماً مزدحمة ...صباح الخير ...نحن في طريق محمد القاسم السريع والمكتظ بالسيارات ، لكن اليوم لم يكن كباقي الأيام ، طابور العجلات يخترق الكيلومترات الممتدة على طول الشارع ، وتحاول السيارات الرجوع  (إذا سمح الأمر)...حاول الجميع إخراج رؤوسهم من "الكيا " لرؤية سبب الزحام ، وإذا في النهاية نجد حادثا مروعا....سيارة بيضاء من الموديلات الحديثة يقودها شاب متهور ،فقد السيطرة على القيادة وارتمى بأحضان (تريلة) حولت العجلة إلى علبة صغيرة.
اتسعت الاتهامات المتبادلة بين السائقين والتي تجعل بعض الشباب لا يبالون بالحوادث المرعبة  التي تحصل  كل يوم وكل ساعة يذهب ضحيتها إنسان في حادث سير. فهناك من يعتقد إن السرعة ناتجة عن طيش الشباب في سن المراهقة ومنهم من يعللها بسبب نفسي لدى الشباب يدفعهم إلى هذه التصرفات. وهناك من يقول إنه حب الظهور في هذه السن والذي يدفعهم إلى الاستهتار والتهور وهناك من ذهب في تفسيره إلى ضرورات الحياة، فالسائق يلجأ للسرعة لقضاء حاجة معينة في أقصر وقت ممكن، ونحن نردها  إلى قلة الوعي. فلو أدرك السائق أن السرعة سوف تختصر حياته وليس وقته لفكر جيدا قبل أن يقدم عليها. السرعة الزائدة والقيادة بطيش والاستهتار بأرواح الآخرين تتعارض دائما مع الجهود التي تبذلها الجهات المتخصصة في مجال التوعية المرورية والحملات المكثفة التي تحذر من خطورة السرعة الزائدة وانعكاساتها السلبية على الفرد والمجتمع خاصة أن هناك فئة من الشباب لا تلتزم بالقوانين والأنظمة المرورية فترتكب أخطاء أثناء القيادة ولا تراعي السرعة المحددة على الطريق، والنتيجة حوادث تحصد الأرواح وتخلف المصابين. الإحصائيات والأرقام تؤكد أن السرعة الجنونية من قبل بعض المتهورين هي السبب الأول في إزهاق الأرواح خاصة بين فئة الشباب، فالشخص الذي يتمادى في قيادة السيارة بسرعة جنونية ويبالغ دائما في تجاوز السرعة القانونية واستعراض مهارته في القيادة لإثبات قدرته على تفادي الاصطدام بالآخرين يصبح من مدمني السرعة ويكون في النهاية سبباً في إزهاق الكثير من الأرواح البريئة.انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع فديو تتداول بين الشباب ، عبر البلوتوث أو على اليوتيوب في موقع الفديو الأشهر على الانترنت ، مشاهد تصور عداد السرعة في السيارة ، وكيف يقوم الشباب بإيصال السيارة إلى أقصى سرعة ممكنة. يشير علي محمد 18 عاما وهو يقود سيارة حديثة الى انه لا يعرف أن يقود ببطء ويحاول دوما أن يتجاوز السيارات بأية طريقة .بالمقابل، يعتبر سامر عدنان (19 ) عاما، طالب في كلية الآداب أن القيادة السريعة تعطي الشاب متعة . مؤكدا أنه يفرغ كل الغضب والكآبة التي قد يشعر بها أحيانا عن طريق السرعة الجنونية . فيما يرى آخرون ان السرعة لا تؤدي بالسائق إلا الى الموت.حيث يقول رائد جاسم ( 20 عاما ) " أنها سيارات آبائهم ...لم يتعبوا بالحصول عليها ". جاسم حصل على سلفة لشراء سيارة "سايبا " والتي زاد الجدل حولها ، لينهي أزمته مع البطالة ، وهو يحرص كثيرا على عدم اجتياز السرعة المعقولة .بالمقابل، يعتبر البعض أن حب الظهور والشهرة من أبرز الأسباب التي تدفع الشباب إلى القيادة السريعة  ، فهو يريد أن يكون مشهوراً بعد أن فشل دراسياً ، ويطمع أن ينال تهافت المعجبين عليه ، فأحد الشباب عمره 17 سنة يقول " أنا أقود بسرعة  ليعرفني الشباب وينبهروا بقيادتي ، وأشتهر أكثر ، فهذا يدل على خطورتي ويتداول الشباب أخباري".والسمة الغالبة على هؤلاء الشباب هي حبهم للشهرة ، لأنه من وجهة نظرهم (سائق محترف) ، (ملك السيارات) ، (صاحب حركات) وكل هذا يجعله يقوم بالمغامرة أكثر. ومن الطرائف التي رصدناها حول حب الظهور أن أحد الشباب الذين يقودون بسرعة ، حينما رأيت بعض الشباب يقفون متجمعين لمشاهدة ماذا يفعل بالسيارة بجوار سور مدرسة للبنات، أراد أن يظهر أمامهم مهاراته ، فانطلق بسرعة بالسيارة، ومع المنعطف قام بسحب  (المكابح اليدوية)، فإذا بالسيارة تتجه نحو إحدى الأشجار وتصطدم بها!!ويعد الفراغ من أبرز الأسباب التي تجعل الشاب يقود بسرعة أو غيره من السلوكيات الخاطئة ، فهناك شباب يجوبون الشوارع بلا مهمة ولا هدف ، وايضاً بلا دراسة ولا عمل ، ولا أي دور يؤدونه أسرياً أو اجتماعياً ، وهذا ما يجعلهم يفعلون أي شيء.ومن أسباب السرعة الجنونية حسب رأي الباحث الاجتماعي عادل ماجد: (التقليد) و (محاكاة الآخرين) و (رفقة السوء) وهذه من الأمور البارزة ، لأن كثيراً من السلوكيات الخاطئة يكتسبها هؤلاء من أقرانهم .إلى ذلك، تبقى الفتيات الأكثر عقلانية وحكمة في قيادة السيارة ، تقول لمى حسن ( 24 عاما ) أنا كامرأة التزم بالسرعة المقررة حتى لو كان الطريق غير مزدحم ولا أخالف أي إشارة، وهذا شأن جميع النساء، وأحياناً يقال إن المرأة هي التي تسبب الزحام لأنها بطيئة وهذا ظلم فالمرأة غير بطيئة ولكنها ملتزمة .  وعلى الجانب الآخر، يذكر شباب بأن قيادة المرأة تتصف بالبطء والحرص الشديد وهي غالبا ما تسبب التوتر والعصبية للرجل الذي يقود خلفها لذلك يتجاوزها فعندما أجد أحد السائقين مترددا أمامي وسرعته لا تزيد على 40 أقول في نفسي: " أكيد السائق امرأة"، ويضيف سعد مازن (21 عاما ) ويوقد سيارة هونداي سوناتا : تتعرض المرأة للمضايقات عندما تقوم