TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هي ثورة.. أم (هي فوضى)؟

هي ثورة.. أم (هي فوضى)؟

نشر في: 21 نوفمبر, 2011: 07:05 م

لينا مظلوم ينطبق العنوان المقتبس جزئيا من آخر أفلام المبدع يوسف شاهين على المناخ المصري السياسي.. شاهين الذي فضل أن يكون دوره (التحريض) وليس (التعليق) على الحدث.. أطلق في (هي فوضى) إنذارا حادا ضد انتهاج النظام السابق مبدأ الفوضى والعشوائية.. سياسة أخذ الحق بالقوة كبديل عن القانون..
وإن فكرة الفوضى لن تلد سوى المزيد من العنف والفوضى، وهو ما يحدث على أرض الواقع بعد الثورة المصرية... بعد أن رسّخ النظام السابق المبدأ.. اندلعت سلسلة من المعارك والأزمات الداخلية الحادة.. أقرب ما تكون إلى حالة حرب مجتمعية بين كل الفئات.. كل منها يريد تحقيق مطالبه بقوة فرض الأمر الواقع.. تظاهرات.. اعتصامات.. قطع الطرق ومسار القطارات.. وسط هذه الأجواء المشحونة تقبل مصر يوم 28 أيلول على أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 كانون الثاني.. والمنتظر ألا تخلو من مظاهر العنف.خريطة التيارات السياسية المصرية حاليا تضم القوى الليبرالية او المدنية وهي مع حداثة تجربة ممارستها السياسية وزمن تواجدها في الشارع المصري، تبدو مشتتة احيانا وهي تمارس لعبة السياسة بمثالية مطلقة وبراءة تصل الى حد السذاجة، وهو لا ينطبق على قواعد المناورة والدهاء السياسي. بعد النجاح المبهر لهذه القوى حين عبرت عما لا تريده في ميدان التحرير.. تعثّرت لما أصابها مس الغرور نتيجة الالتفاف الإعلامي والمبالغة في تمجيد الخطوة الأولى الرائعة التي قامت بها، دون النظر الى خطورة الخطوة القادمة.. غاب عن هذه القوى كل الأطراف المتربصة- داخليا وخارجيا- للانقضاض على هذا الحدث السياسي واقتناص أكبر قدر من الغنائم.. ومما زاد الامر تعقيدا أن هذه القوى التي تفتقد الخبرة السياسية لم تجد بديلا تتوجه إليه بعد إقصاء الطاقات السياسية على مدى 30 عاماً لمصلحة (خدم) النظام.. افتقاد الخبرة عكس مواقف متأرجحة ومحاولات مارستها جهات خارجية للتأثير على هذه القوى.. ما أدى الى صدامها مع الجيش والمجلس العسكري، صمام الأمان الوحيد لاستقرار مصر.. بدلا من تيسير مهمة الجيش في تأمين مرور البلاد من المرحلة الانتقالية.. أخذت هذه القوى تلقي المزيد من الأعباء والاتهامات على كاهل الجيش وهو أصلا تحمل مسؤوليات لم تكن مدرجة ضمن الخطط العسكرية الموضوعة مسبقا حين يستدعي الأمر التصدي للتهديدات التي تمس حدود مصر وأمنها.على الطرف الآخر.. التقطت القوى الدينية بشوق ونهم، فرصة طال انتظارها لها عشرات السنين.. أخذا في الاعتبار أن الجيش لا يريد إراقة دماء، رغم كل المحاولات المستميتة التي جرت لإقحامه في هذا الموقف.. وبراءة قوى الثورة التي ابتلعت طعم أن هذه التيارات الدينية تهدف فقط الى المشاركة لا الاستحواذ على الحياة السياسية.. بينما تتوالى مواقف وتصريحات هذه التيارات على مدى عام لتؤكد رغبتها وعزمها على السيطرة الكاملة.. بداية من تصريحاتهم الاولى عن نسب المشاركة في البرلمان المصري التي بدأت بـ 30% وارتفعت تدريجيا    الى 70%.. الى التحالفات التي شكلت بين جماعة الاخوان المسلمين وباقي التيارات السلفية والجهادية.. الى إطلاق آلتهم الإعلامية ببيانات تتصف بالتعالي وتكفير المختلفين معهم والتهديد بإراقة بحور الدماء واستعراض أهدافهم في تغيير قوانين مصر المدنية وشكل حياتها.. ثم قبل الانتخابات قاموا باستعراض لقواهم حوّلت ميدان التحرير من رمز ثوري الى بقعة من قندهار او الصومال!.. هبطوا بالدين الى مستوى الخلافات السياسية، رغم ادعائهم أن الأحزاب التي شكلوها هي سياسية.. الاّ ان جوهرها غلب عليه فكرة الدين بكل مفرداته.. منذ شهر آذار الماضي اعتبروا الاستفتاء الذي جرى على تعديل الدستور نصرا لهم وهلل احد مشايخهم لما اعتبروه (غزوة الصناديق)، مطالبا العلمانيين من المختلفين معهم بالهجرة خارج مصر!على مدى الأسابيع التي تسبق الانتخابات توالي هذه الجماعات اللعب على وتر المشاعر الدينية في الجوامع والمؤتمرات بهدف التأثير على الناخب المصري- تحديدا بين شريحة تمثل نسبة لا يستهان بها – وعبر تهديدات وفتاوى تتوعد من لا ينتخب مرشحيهم بالآثم والجحيم.. بينما سينعم من ينتخبهم بالصدقة الجارية طوال عمره وملذات النعيم!، بالإضافة الى التلاعب على وتر المتطلبات الحياتية للمواطن البسيط كالغذاء والعلاج.. وهي لعبة أتقنتها هذه الجماعات منذ إنشائها.. اما البرامج السياسية والرؤية المستقبلية المحددة.. لا ذكر لها ضمن السلع التي تروج لها هذه التيارات..المؤكد ان التيارات الدينية في مصر، وهي المرشح الاكثر ترجيحا للحصول على الاغلبية، والتي تعلن ولاءها الى النموذج السلفي الوهابي، والرافضة بقوة لأي رأي مخالف لها.. لا تخجل من تبديل مواقفها بين ليلة وضحاها حين يمس الامر مصالحها.. لعنوا الديمقراطية كرجس من عمل الشيطان.. ثم ارتموا بين أحضانها كوسيلة للهيمنة على القرار السياسي.. استقبلوا منذ فترة زيارة رئيس وزراء تركيا رجب اردوغان بالترحاب.. ثم لعنوه بعد ان صرّح انه ليس رئيس وزراء إسلامي.. رافضا فكرة الدولة الإسلامية.وسط هذه الاجواء تعيش مصر انتخاباتها البرلمانية.. بين مخاوف وعلامات استفهام حول كونها أجواء صحية تسمح بممارسة ديمقراطية حقيقية تعكس رغبة الشارع المصر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram