TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: موقف كامل الدسم

نص ردن: موقف كامل الدسم

نشر في: 21 نوفمبر, 2011: 08:57 م

 علاء حسن مواقف الأطراف المشاركة في الحكومة على الرغم من كثرتها، لا تعبر عن اتفاق موحد تجاه العديد من القضايا،  فلكل كتلة نيابية وحزب وتيار وتنظيم سياسي رؤياه  للاحداث والمستجدات ، وحتى داخل  الكتلة الواحدة ، يأخذ الخلاف شكلا آخر، يعكس هشاشة التماسك بين مكونات تلك الكتلة ، فمكونات التحالف الوطني الذي يقود الحكومة لم يبلور موقفه الموحد إزاء تطبيق المادة الدستورية 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها ، وكذلك حول الاستعانة بالمدربين الأميركيين،
  لاستكمال جاهزية وقدرات القوات العراقية ، ومثل هذا الأمر ينسحب على بقية الكتل الأخرى ، في تعاطيها مع تعديل الدستور ، وتحقيق مبدأ الشراكة في إدارة البلاد ، وقبل ذلك تنفيذ اتفاق أربيل ،هذه الصورة في المشهد في المشهد السياسي العراقي ليست جديدة ، فهي حاضرة منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية ، ثم تشكيل الحكومة  فأصبحت علامة فارقة للحياة السياسية في البلاد ، بفعل اتساع الخلاف حتى على مسائل غير جوهرية. بعد إعلان دعوة تشكيل إقليم في محافظة صلاح الدين ، برز خلاف آخر على سطح المياه الراكدة ، تمثل بموقف معارض وآخر داعم لهذا التوجه ، بوصفه حقا ضمنه الدستور ، والغريب في الأمر أن المؤيدين والمعارضين ، يعززون مواقفهم بالاستناد الى الرغبة الشعبية ، فدعاة تشكيل الأقاليم ، يشيرون الى وقوف ابناء  المحافظة وأخرى مجاورة لها الى جانب صلاح الدين ، اما المعارضون فيرون في الدعم الشعبي الواسع خير وسيلة لإحباط مخطط تشكيل فيدراليات على اسس طائفية ومذهبية ، وأشاروا الى ان رئيس مجلس الوزراء سيرفض أي طلب بهذا الشأن ، فيما الطرف الآخر من المؤيدين للأقاليم لوحوا باللجوء للمحكمة الاتحادية ، لإبطال أي قرار حكومي يستهدف تعطيل تطبيق الدستور.يبدو ان العملية السياسية دخلت مرحلة من التطور والنضج ، لان اطرافها تتصارع على تطبيق الدستور ، وهذا مؤشر حسن يؤكد سلامة المسار الديمقراطي ، في حال عبرت المواقف عن حرص أكيد على التمسك بالدستور والتعامل مع مواده بوصفه المرجعية القانونية العليا لتنظيم الحياة السياسية ، ولكن ما يثير القلق والشكوك والمخاوف ان يكون اعتماد الدستور لغرض تحقيق مكاسب آنية ، ثم يتم التخلي عنه او خرق مواده ، لانها تقف عائقا امام الحصول على المزيد من الامتيازات والمكاسب.  أثبتت الاحداث ان الأطراف المشاركة في الحكومة تتعامل مع الدستور طبقا لمزاجها، ومواقفها تنطلق من تفسيراتها وبمقدار ما يتحقق من مكاسب حزبية وفئوية ، لصالح قوى سياسية مازالت تنظر الى العراقيين، بانهم مازالوا في مرحلة  الرضاعة ، وهم بأمس الحاجة لتناول الحليب كامل الدسم،  ليكونوا على استعداد   لتفهم وأدراك  مواقف اطراف الحكومة،  والتعامل مع خلافاتها على انها جزء من نظرية مبتكرة ،  تسعى لتأجيج الصراع  ، لفرز المواقف وبيان صورتها الحقيقية الجميلة والقبيحة الحسنة والبشعة   امام الشعب الذي يطالب بإصلاح النظام ، واتخاذ إجراءات فورية عاجلة لتوفير الحليب كامل الدسم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram