اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > تلاعبات سولدان بعيداً عن الواقعية السحرية

تلاعبات سولدان بعيداً عن الواقعية السحرية

نشر في: 22 نوفمبر, 2011: 07:21 م

عادل العامليُنسب الكاتب البوليفي إيدموندو باز سولدان إلى ما يُدعى بجيل مكوندو من الكتّاب، الذي ابتعد عن الواقعية السحرية كما هي محشودةً في بلدة ماكوندو الخيالية لغابرييل غارسيا ماركيز . وهو يُظهر موهبةً أصيلة في روايته (Sueños digitales )،هذه الحكاية الذكية والقاتمة التي تنطوي على التلاعبٍ التصويري.
إنه يوم مضجر آخر في المكتب بالنسبة لسباستيان الخاسر الكاذب الذي يحلم، مثل صحافيين أميركيين لاتينيين كثيرين، بالشهرة والثروة لكنه لا يتوقع إلا حياةً في عملٍ منخفض الأجر ما لم يلحظ أحدهم موهبته. فهو فتى تصاميم يعمل لصحيفة ذات مستوىً عالٍ. وهو يمتلك إمكانات مالية بائسة، غير أن لدى الصحيفة اليومية آخر البرامج الكومبيوترية وأحياناً تشعر بوليفيا بنفسها أنيقةً مثل نيو يورك، كما جاء في مقال جورجينا جيمينيز هذا. وفي لحظة ثورة، يقرر سيباستيان أن يملأ الصفحة 3 من الصحيفة بدمج تشي غيفارا مع أعز مصدَّر قانوني لبوليفيا... راكيل ويلتش. فترفع مزحة المصمم هذه من توزيع الصحيفة وتعزز سمعتها.ويُصبح خلق الأوهام هاجساً بالنسبة لسباستيان وتجعل إبداعيته الفنية هذه سمعته كساحر صور تكبر إلى حد أنه يُكلَّف ذات يوم بمحو اللقطات الأشد قتامةً في حياة الرئيس.وهو فخور بما يفعل، لكنه مع هذا يعرف أن هذا خطأ جسيم، إلا أنه لا يملك الشجاعة لإخبار زوجته. ويختلق أعذاراً تمكّنه من الذهاب إلى مهمته في ممرات متاهية في بناية تُدعى ( القلعة )، حيث يعمل أشخاص آخرون في عزلة. وينتهي الأمر بالفنان التصويري محشوراً في زاوية، ومبعداً عن الأصدقاء والأحباء على حد سواء، وأية محاولة للإفلات من النظام تورطه أكثر في شبكة السلطة.وهو يدرك أنه في هذه الورطة بسبب غطرسته أو تكبره ــ إذ يعتبر نفسه ( فناناً بارعاً )، بعد كل شيء، ويُبدي ازدراءً نحو أولئك الذين يحاولون أن (يغشّوا) طريقتهم في الإدراك ــ لكنه يقرر أن يبرر ما يفعله بحجة أنه يُعيل زوجته الحبيبة .. إلى أن يكون الوقت متأخراً جداً. وتروى هذه القصة المثيرة بطريقة بسيطة ، لكن بانسيابية، مع التعليق بدقة على التأثيرات الحاصلة على أميركا اللاتينية من العولمة، والتكنولوجيا، والتمدّن ــ وهي نتائج يمكن أن تكون قابلة للتطبيق حقاً في أوروبا أو أي مكان آخر.ومن المنعش أن نرى أن كتّاب أميركا اللاتينية الشباب يندفعون ببطء بعيداً عن إغراء، أو توقع القراء في الخارج، لمجرد إعادة خلق المادة المقولبة المثيرة والسهلة الاستعمال التي خلّفتها ( مئة عام من العزلة ) لغارسيا ماركيز. وليس من المصادفة أن يختار باز سولدان أن يقرن الوجه الذي يأسف بوليفيون كثيرون الآن لحذفه من التاريخ ( غيفارا ) مع الصورة التي ما يزال معظم البوليفيين فخورين بالازدهاء بها ( ويلتش ).إن التشوش السحري لسباستيان والتساؤل عن تخيلاته الواهمة الموضوعة جنباً لجنب مقابل الواقع الواضح يسمحان للمؤلف بالتوسع في البحث عن هوية المرء ومكانه في الحياة. ويصبح بيكسيل، وهو شخص غريب رقمي آخر يعمل مع سيباستيان ويصادقه، مسكوناً بهاجس خلق لحظات سعيدة في ماضي أبيه، بينما حياته تذوي بفعل مرض السرطان. ويدرك بيكسيل أن " مهارته الحِرَفية " ليست بجودة تلك التي يتمتع بها سيباستيان ويُظهِر احتراماً كبيراً لصديقٍ ينتهي به الأمر، بدوره، إلى أخذ موقعه. ولا يبدو أن هناك مَن ليست لديه رغبة في أن يُخفي من المشهد العام اللحظات المكدّرة.وأخيراً فإن إيدموندو باز سولدان مؤلف لثماني روايات، من بينها (مسألة رغبة) و (هذيان تيورِنغ). وقد فاز بجائزة الكتاب الوطني البوليفي في عامي 1992 و 2003، واختارته مجلة ( السياسة الخارجية ) في عام 2008 واحداً من  المفكّرين الـ 50 الأكثر تأثيراً في المنطقة. وهو يدرّس الأدب المكتوب باللغة الأسبانية في جامعة كورنيل.rnعن: The Latin AmericanReview of Books

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram