وديع غزوانمن أكثر الملفات التي انتشرت في عراق ما بعد 2003 الفساد بكل أنواعه وتصنيفاته الذي انتشر سرطانياً في السياسة والاقتصاد وكل مفاصل الدولة عمودياً وأفقياً ، فصرنا نسمع عن وزارات تعرض في المزاد لمن يدفع أكثر وصفقات وعمولات يتحدث بها اغلب المسؤولين داعين إلى التخلص منها . الخراب والدمار وما رافقهما من تلكؤ في تنفيذ المشاريع في كل العراق تقريباً ، عدا إقليم كردستان الذي يشهد حملة تنمية وتطوير واسعة ، دليل حيّ على ما سببته هذه الآفة من سلبيات تحمّلها المواطن من دون غيره .
ونظن أن الكثير لا يحتاج من السياسيين إلى تصريحات وبيانات وخطب إدانة للفساد بقدر الحاجة إلى إجابة عن كل تساؤلاتهم عن هذا السر الذي يمنع و يعيق أي إجراء للحد من هذه الظاهرة الخطيرة .. هذا السر الذي يمتلكونه هم وليس سواهم مفتاح فـك رموزه التي تشكـّل المحاصصة بكل أنواعها الطلسم الذي يحمي عتاة المفسدين والتي أشار رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة إلى أن خطرهم لا يقلّ عن خطر الإرهاب ، بل ربما اكبر لأنه ( أي الفساد ) يمنح عصابات الجريمة كل الأغطية لممارسة جرائمها البشعة بحق المواطنين . من المنصف أن نشير إلى أن المؤسسات الرقابية ولجان النزاهة دأبت على كتابة التقارير بشأن مظاهر الفساد ، من بينها تقرير ديوان الرقابة المالية عن أداء مؤسسات الدولة لعام 2010 الذي أشار فيه إلى كثير من مساوئ الأداء ومنها ما ذكره عن وزارة الإعمار والإسكان فقد جاء في أولاً من هذا التقرير: ( عدم إعداد خطة عمل لمتابعة تنفيذ المشاريع الاستثمارية من قبل تشكيلات الوزارة المتعلقة بالبنية التحتية من " طرق وجسور ومجمعات سكنية الخ.. ) أما ثانياً فقد أكد التقرير ( عدم وجود قاعدة بيانات خاصة بالموازنة الاستثمارية .. ) وأوضح أن هنالك خسائر بالمليارات في تنفيذ بعض الشركات العامة لعدد من المشاريع ونعتقد أن احد أهم أسباب ذلك يعود إلى إناطة هذه الشركات بتنفيذ المشاريع لمقاولين ثانويين مخالفين بذلك تعليمات الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي تؤكد تنفيذها بالملاكات الذاتية بحسب ما أورده التقرير . لم يكن هذا هو التقرير الوحيد الذي يؤشر لحالات الفساد فقد رافقتها إخبار عن صفقة الطائرات الاوكرانية التي استلم العراق أولها ، و آخر عن وصف رجال أعمال عام 2011 بالأسوأ مقارنة بسابقاته بسبب توجيهات حكومية تمنع منح العقود للبنى التحتية إليهم والتوصية بمنحها لشركات أجنبية.. ويشيرون إلى تذرّع وزارتي الصحة والبلديات بتعليمات مجلس الوزراء التي تمنع منح العقود لشركات القطاع الخاص في مجال مشاريع الماء والمجاري والمستشفيات ، وإذا أضفنا إلى كل ذلك امتناع مسؤولي المنطقة الخضراء من تسديد فواتير الكهرباء المستثناة من القطع المبرمج التي تتجاوز المليارات في وقت تدعو وزارة الكهرباء الى حملة توعية لحث المواطنين على تسديد ما بذمتهم.. إذا قرأنا كل ذلك وهو منسوب إلى مسؤولين رفيعي المستوى لعلمنا جزءاً من سر ممارسة المفسدين أعمالهم من دون خشية ولقال كل واحد منا للآخر: هل من نهاية مرتقبة للفساد ؟
كردستانيات:الفساد هل له من نهاية ؟!
نشر في: 22 نوفمبر, 2011: 09:34 م