TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :أبو نؤاس .. شارع للانتحار!

سلاما ياعراق :أبو نؤاس .. شارع للانتحار!

نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 06:45 م

 هاشم العقابياظن ان شارع ابو نؤاس هو المكان الوحيد الذي لو اخبرك صاحبك بانه ذاهب اليه، ستعرف بانه لا يبتغي غير ان يريح باله وان يستمتع بليلة أو يقضي عصرية لا مكان فيها للهم والحزن. ولا اعتقد ان احدا من الاجيال التي كانت تقصد شارع أبو نؤاس، ولحد نهاية السبعينيات، لم يشعر بحسرة مريرة خلفها بصدره أفول وهج ذلك الشارع في هذه الايام. قلت مرة،
ان من يريد ان يعيد الحياة للعراق، فليبدأ بإعادتها لشارع ابو نؤاس. وما زلت اصر على قولي لحد اني اعتبره شارعا  لمؤسسات المجتمع المدني، وليس للهو والعبث كما يحاول البعض ان يصفه. ففيه يلتقي المحبون والشعراء والمثقفون واغلب ابناء الطبقة الوسطى  بأجواء من الغنج والفرح والغناء والسمر.  ان مجرد حمله اسم ابو نؤاس كاف ان يبرئ من يقصده من التطرف والظلامية والميل الى الارهاب والعنف والعصبية. واجزم انه الشارع الوحيد الذي قد لا تسمع أو تشم به رائحة تعصب ديني أو طائفي. ولو لم يكن كذلك لما استهدفه صدام ومن بعده الظلاميون والمتخلفون.توقعنا ان شارع ابو نؤاس يقلق دعاة القتل والموت من اليوم الذي خنقه صدام بحملته الايمانية سيئة الصيت واستمر خنقه بشكل أو بآخر الى اليوم. ومن ذلك اليوم الى اليوم اصبحنا نتوقع الاسوأ. لكن ما كان يمر بالبال ان نسمع بامرأة تقصد ابو نؤاس، لا لتغني أو تنثر شعرها ليتعطر بهواء دجلة ونسائمها، بل قصدته لتنتحر. وحتى كلمة الانتحار حين يمر ذكرها مع ذكرشارع  ابو نؤاس ما كانت تعني الموت انتحارا. كان لفتة ابو الريحة مثلا، والذي كنا نلقبه بـ "موسوعة الدارميات" يقول: "اني ذاهب لابي نؤاس لانتحر". نضحك وقد نصاحبه الى هناك لانه قصد بانتحاره انه سيشرب عرقا تلك الليلة. ولفتة حين يحتسي العرق تتفتح قريحته للدارمي اكثر واكثر.شيء مفزع  ان نسمع خبر احباط محاولة انتحار امرأة عراقية على حافة دجلة في شارع ابو نؤاس. كم كنت اتمنى على من اتى بالخبر ان يسأل هذه العراقية التي عمرها 50 عاما عن سر اختيارها لهذا المكان. اظنها اول انسان عراقي يختار الموت في قلب شارع كان ملتقى لعشاق الحياة.ورغم ان الخبر قد احزنني لكنه حيرني أيضا. فشخصيا ارى ان اختيارها للموت هناك يحمل رسالة معينة. لكن ما هي تلك الرسالة؟ هذا هو الذي يحيرني. قطعا هي وحدها تستطيع الكشف عنها. لكن هاجسا ما يكاد ان يقول لي ما تحمله تلك الرسالة. مع هذا سأحتفظ بهواجسي منتظرا ومتأسيا بقول: "ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا". وشفيعي في عدم بوحي بما احسه هو ان ليس كل ما "يُحسُّ" يقال. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram