بغداد – المدى هل يغير التطور العصري بأفكاره المتقدمة ورؤيته المتحضرة نظرة المجتمع السلبية للمرأة التي تمتهن التمريض، خاصة بعد أن زادت الحاجة إلى التمريض، وأصبحت البلاد تتعامل مع صراعات أمنية محفوفة بالمخاطر، سواء على الحالة الصحية العامة، أو حتى إسعاف ضحايا الأحداث الإرهابية.
يبرز هذا السؤال بقوة عن حقيقة وضع الممرضة في مجتمع يراها امرأة فرضت نفسها على أمور تتعلق بسمعتها وبعفتها، خاصة بعد سلسلة من القصص المثيرة لنساء ممرضات اتهمهن المجتمع بضلوعهن في قضايا غير أخلاقية، واعتبار المرأة التي تمتهن التمريض يجب الابتعاد عنها، ليرفع الرجل شعارات تدخل المرأة الممرضة في مظنة الفاحشة.. يقول المواطن كريم الياسري بأنه لا يسمح لنفسه ولو للحظة التفكير بالارتباط بزوجة ممرضة، لأنه لا يستطيع تحدي المجتمع، مؤكداً أن الكثير من السلوكيات التي تتصف بها المرأة الممرضة غير مقبولة اجتماعيا، إصلاح أفكار المجتمعومثل غيرها من أفكار وقرارات بالية نجح المجتمع في تكوين أعذار اتخذت منها أذرعا دخلت في العديد من المجالات التي تخص المرأة، مما يؤشر أن هناك مهناً اقتصر تعامل الرجل فيها مع المرأة بنظرة ظالمة رغم كل ما يدور في المجتمع من أحداث مصيرية... يقول المواطن حيدر سمعان في العقد الثالث من عمره بأنه من الضروري إصلاح أفكار المجتمع وتنقيته من نظرته السلبية عن المرأة الممرضة، والوقوف في وجه الأفكار والمعتقدات المتخلفة العنيفة.الصورة الذهنيةتاريخيا تعد مهنة التمريض من المهن القديم وواحدة من أهم معاقل الراهبات بداية القرن العشرين، وقد افتتحت أول مدرسة للممرضات في بغداد عام 1933 ومنها بدأ الاهتمام بتدريس مهنة التمريض في البلاد، وفي محاولة لاستقطاب الفتيات مهنة التمريض بسبب حاجة البلاد الملحة، بدأت المدارس المعنية بهذا الصدد تشجيع الفتيات الصغيرات اللائي أكملن الدراسة الابتدائية في الانخراط بمدراس التمريض، الأمر الذي كان مرده سيئاً بعض الشيء، وأصبحت الصورة الذهنية التي رسختها البعض من الممرضات لدى المجتمع عنهن سيئة ورميهن بشباك الاتهامات، كون البعض منهن سيئات أخلاقياً.. وهو ما أشارت إليه الممرضة وداد مصطاف، مؤكدة أن نظرة المجتمع السلبية هذه جاءت عن بعض ممرضات سيئات السمعة، وعممت على الباقيات رغم أنهن محافظات. نظرة مجحفة وظالمةوخوفا من نظرة المجتمع هذه، سعت الكثير من العائلات العراقية إلى إبعاد بناتهن عن العمل بهذه المهنة، أو حتى الاختلاط بالممرضات، للوقوف مع المجتمع، وهو ما أكده الحاج مرتضى حسن، قائلا ما من شك في أنني أخاف على سمعة بناتي، وعلى مستقبلهن، لذلك أفضل الموت جوعاً على أن تمتهن إحداهن التمريض.في المقابل ترفض المواطنة نوال احمد العمل في مهنة التمريض، لأنها تخاف على سمعتها وسمعة أسرتها من الجيران، مؤكدة أن المرأة لا تستطيع غلق الأفواه وتكميمها عند الحديث عن سمعتها، لذلك هي تفضل العمل في مهن أخرى على أن تجازف بسمعتها وسمعة أسرتها.وعلى ما يبدو فأن للممرضات رأياً أيضاً في هذا الصدد، تقول الممرضة سعاد حسيب بأن نظرة المجتمع هذه هي مجحفة وظالمة بحقهن، مشيرة إلى أنه لا يجوز أن تعمم هذه الأفكار على جميع النساء الممرضات، لافتة إلى ضرورة تغيير هذه النظرة التي لا تتلاءم مع تطور المجتمع. الحد من مشاركة المرأةمن جهتها أكدت الخبيرة في العلوم الاجتماعية الدكتورة نادية الحمداني، بأن رفض ارتباط الرجل بامرأة تمتهن التمريض، يعود بالأساس إلى مدى تأثير نظرة المجتمع السلبية التي تحيط به. وأبانت الحمداني أن هذه النظرة ما هي إلا وسيلة من وسائل الحد من مشاركة المرأة في الحياة العملية، ناهيك عن تحجيم حريتها والنيل منها، مشيرة إلى ضرورة تكاتف مؤسسات الدولة كافة في توعية وتثقيف المجتمع على أهمية وجود المرأة في مهنة التمريض، لأنها مهنة تحتاج إلى الجنس الناعم، وهذا يكون من خلال التعاون الإعلامي والتربوي والتعليمي. التصدي لمحاولات المساس بحرية المرأةومثلما يجاهر المجتمع بنظرته السلبية هذه ضد الممرضات، تنظم منظمات مدنية تعنى بحقوق المرأة برامج للتضامن مع حقوق المرأة وحريتها، وضد الممارسات الخطيرة على حد وصف الناشطة في مجال حقوق المرأة ثائرة عسكر، حيث تستنكر هذه النظرة ورفض الشباب الارتباط بالمرأة الممرضة، والتقليل من مكانتها في المجتمع، وتحذر عسكر من استمرارية الامتثال لكذا أفكار تهدم بنيان المجتمع وتقلل من تحضره. وتطالب عسكر بالتصدي لمحاولات المساس بحرية المرأة وعملها بالوسائل القانونية. المسؤول في وزارة الصحة علاوي عطية يرى أن عدد الممرضات قليل بسبب نظرة المجتمع السلبية لمهنة التمريض، ورفض الأسر العراقية في التحاق بناتهن في هذه المهنة.
الممرضات يشكَونَ نظرة المجتمع السلبية
نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 06:54 م