TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلاكيت :ربستين.. أسباب القلب

كلاكيت :ربستين.. أسباب القلب

نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 06:58 م

 علاء المفرجي كان يمكن للمخرج المكسيكي الطليعي ارتو ربستين أن يقتفي خطى مواطنه اليخاندرو غونزاليز الذي شرعت له هوليوود أبوابها وفتحت له طريق الشهرة والجمهور، لكنه اختار أن يكون مكسيكيا بالكامل ، وربما لهذا السبب لا يمكن الحديث عن سينما مكسيكية ذات تقاليد  وهوية خاصة من دون المرور باسمه المرتبط بأهم إنجازاتها على الإطلاق.
 فربستين لا يبحث عن النجاح مقرونا بالاستعانة بنجم بحجم براد بيت الذي عمل تحت إدارة غونزاليز في فيلمه المهم (بابل) كما أشار في حوار معه خلال حضوره مهرجان أبو ظبي الأخير، إنما نجاحه يرتبط بسينما تستلهم روح وطنه المكسيك . فالشهرة ليست هي الموهبة؛ الموهبة أن تبتكر أسلوبك الخاص في الكشف حتى لو كلفك ذلك أن تكون مغمورا لزمن طويل.يرفض ربستين (الأسطورة) التي روجت إلى عمله، مساعدا لبونويل في بعض أفلامه حتى لو كانت انطلاقا من مقولة جون فورد (إذا كانت الأسطورة أفضل من الحقيقة فأطبع الأسطورة)، ولكنه يتحدث بفخر عن حضوره في مواقع تصوير أفلامه ، وهو ما ترك أثراً على منجزه، تماما كما هو الحال مع سينمائي كبير آخر مثل فريتز لانغ، الذي كان أحد أهم مصادر ربستين.المخرج ربستين تلميذ المخرج الاسباني السريالي  الكبير لويس بونويل، وأحد أهم  رموز السينما المكسيكية الآن، كان في فيلمه المهم (أسباب القلب)، مخلصا لمنهجه في  اعتماد  الأدب والروايات العالمية موضوعات لأفلامه، وهو في هذه الأعمال التي طبعت أكثر أفلامه إنما يبحث عما هو ملهم، فمنذ فيلمه الأول (وقت للقلب) الذي تعاون في كتابته معه اثنان من أهم كتّاب الرواية في أميركا اللاتينية، الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز والمكسيكي كارل فوينتس وليس انتهاء بروايات ماركيز ونجيب محفوظ، فإن ربستين اغترف من عيون الروايات موضوعا لأفلامه، ولكن بمعالجة تشير إلى أسلوبه المتفرد بالعمل. فهو يبحث عن الأعمال التي تتماهى ورؤيته السينمائية ، لذا تراه يعيد إنتاج الفكرة بما ينسجم مع هذه الرؤية.  وكما نقل ربستين أجواء القاهرة إلى المكسيك في فيلمه المعد عن رواية نجيب محفوظ (بداية ونهاية)، فإنه قد اختار في فيلمه (أسباب القلب) احد أهم الشخصيات الروائية في الأدب الفرنسي على الإطلاق، (ايما) في رواية جوستاف فلوبير (مدام بوفاري) لتكون موضوعا لفيلمه هذا.من خلال امرأة مكسيكية تعيش الأجواء النفسية والاجتماعية نفسها. ومنذ المشهد الاستهلالي في الفيلم يجعلنا ربستين نعيش لحظات القلق والخواء الذي تعيشه بطلة الفيلم التي تتنازعها الرغبة في الانعتاق من القيد الاجتماعي والإحساس باللاجدوى من حياة لا جديد فيها سوى الهمّ الاجتماعي والاقتصادي.. ومثل ايما شخصية فلوبير تشعر بالنفور من الحاضر الرتيب، حالمة بحياة مكتظة بالعاطفة لتنغمس فيها برغبة عارمة، لكنها تصطدم بواقع لا يمنح أمثالها فرصة الانفلات..امرأة متزوجة من زوج خال من الحياة لا يوليها الاهتمام المطلوب.. تعشق مهاجرا كوبيا غير شرعي لا يبادلها الحب نفسه، فهو منشغل بحياته وطموحه في أن يكون عازف ساكسفون مشهورا، وهي لا تتوانى أيضا في خيانة الاثنين في لحظة يأس مطبقة مع رجل جار لها في علاقة عبثية  عابرة تحيلنا إلى غريب كامو . تحاول الزوجة الإفلات من هذه الدائرة المغلقة بلاجدوى لتقرر الانتحار، الذي تبدو هنا حلا (معقولا) لورطة الروح.. وعند جثمانها يجتمع الرجال الثلاثة مع ابنتها الصغيرة بحوار هامس تصحبه موسيقى الساكسفون الحزينة..وبلغة سينمائية جميلة يستبطن ربستين دواخل شخصياته، بأجواء قاتمة تقبض النفس – الفيلم منفذ بالأبيض والأسود – وأداء معجز للممثلة ارسيليا راميريز.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram