اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > (أزهار الشر) العمل الأوّل لديفيد دوسا..عليك تعلّم الكذب من الصغر لتفعل ما تشاء

(أزهار الشر) العمل الأوّل لديفيد دوسا..عليك تعلّم الكذب من الصغر لتفعل ما تشاء

نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 07:00 م

فيصل عبد اللهيختبر ديفيد دوسا، المجري الولادة والسويدي الإقامة، دور وسائل الاتصال الحديثة في حياتنا المعاصرة في عمله الأول (أزهار الشر)، (سلة عروض عالمية المدرجة ضمن فقرات مهرجان أبو ظبي الأخير). وسائل باتت أدواتها، العابرة للحدود المحلية والقافزة على سلطة الرقابات التقليدية، صنواً لعولمة تقنية واسعة الآفاق. فما أتاحه اليوتيوب و الفيسبوك والتويتر، مثلاً، من ممكنات هائلة في التواصل الاجتماعي، غدت ثورة حقيقية سجلها العقد الأول من القرن الحادي والعشرين
 من دون منازع وببراءة اختراع. ولكن هل نجح دوسا في مسعاه؟ سؤال لم يحسمه، على الأقل، ما تحقق على الشاشة، ولا إجابات المخرج المترددة في مؤتمره الصحافي. صحيح أن حبكة (أزهار الشر)، استعار الشريط عنوانه من مجموعة الشاعر الفرنسي شارل بودلير الشهيرة، وهو تحد كبير، غايته اقتفاء تناقضات الحياة اليومية خصوصاً في المدن الكبرى.ذلك بين الإقامة المؤقتة للطالبة الجامعية أناهيتا (الممثلة الفرنسية الصاعدة أليس بلعيدي ذات الأصول الجزائرية) في باريس، وتعرفها على الشاب رشيد (الممثل الجزائري الفرنسي الولادة رشيد يوسف)، ينسج المخرج حبكة شريطه. من طهران قدمت أناهيتا، ومعها من الأسباب ما يجعلها تشعر بالقلق على مصير من تركتهم وراءها. وقرار استقرارها في باريس جاء استجابة لرغبة عائلتها الميسورة، بعد تصاعد حركة الاحتجاجات الشبابية إبان الانتخابات الرئاسية قبل حوالي العامين. تلك التي واجهتها سلطات بلدها بحملة اعتقالات طالت الأصوات المطالبة بالتغيير والإصلاح، أو كما أطلق عليها الثورة الخضراء. شابة تمتلك من الوعي السياسي والثقافي، وتحمل ذاكرة مليئة بالقهر والتمزق والتطلع إلى حلم يداعب مخيلة أقرانها من الشباب الإيراني بالتغيير.فيما تدور يوميات رشيد، العامل في فندق، حول عزلته في شقته الصغيرة المطلة على تقاطع طرق. وألعابه البهلوانية في القفز والرقص، وتسجيلها على اليوتيوب. وفرح بـ (حريته)، تلك التي يكررها أكثر من مرة في الشريط، عبر التخفف من الاهتمام بالعالم الخارجي سواء العائلي منه أو السياسي. لم يكمل تعليمه. وهو أقرب إلى اللقيط. عالمان مختلفان في سلم الأولويات والتطلعات. إذ تجد أناهيتا موزعة وقتها بين متابعة أخبار التظاهرات، ومصائر أصدقائها عبر اليوتيوب والفيسبوك والتويتر، ورغبتها في اكتشاف معالم باريس الساحرة من خلال الشاب رشيد الذي تقع في غرامه في النهاية. وهنا يأخذ الشريط منحى آخر، وعبر حوارات عن معنى الحياة، والحلم، والأمل، والحرية....مروراً بشعر عمر الخيام المحتفي بالحياة، مقابل قصائد بودلير الذي أهدت أناهيتا نسخة قديمة من ديوانه إلى رشيد.على وقع تلك القصائد، وشمعة، وفي لحظة وجدَ تعترف أناهيتا بما هو أقرب إلى الحكم القاسي على ثقافة بلدها. بقولها "في إيران عليك تعلم الكذب من الصغر، لكي تفعل ما تشاء، وعليه تحتاج إلى عدد من الأرواح". لحظتها تتخلى وقتياً عن شارتها الخضراء، رمز الثورة، ولتسقط آخر دفاعاتها وهي في أحضان رشيد. لكن الأخير سرعان ما يلتقط الإشارة، فيقرر ربطها على معصمها. وفي الوقت ذاته يقرر السفر، ربما للحاق بأناهيتا. طعم دوسا شريطه بالكثير من وقائع المظاهرات الحية التي تناقلتها وسائل التواصل الحديثة، من ضمنها المقطع الفيديوي المؤثر لمقتل الشابة المصورة ندا أغا سلطان على يد الشرطة، والتي غدت رمزاً للثورة. وعلى المنوال نفسه، وظف الموسيقى القادمة من "الآي فون" الذي يحمله رشيد وهو يراقص أناهيتا. ومثلها نصوص التويتر المبثوثة على الشاشة. بينما جاء تصوير الشريط عبر كاميرا رقمية عالية الجودة. ومع ذلك، لم يوازن دوسا بين حبكته المبنية على اغتراب شخصياته، سواء تلك القادمة من بلد مثل إيران بهم سياسي، أو من قبل رشيد المتخفف من وطأة إلزامات الوطن، وبين دور وسائل الاتصال الحديثة في حياتنا. محاولة جمعت بين دفاتها أفضل ما يمكن أن يتوافر لعمل أول، ولكنها أثقلت بالقضايا الجانبية على حساب فكرته الأساسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram