سلام الربضي يجب ألا تكون النزعة الكوزموبوليتانية في الحقل البيئي، مجرد شكل من أشكال الأممية، تحت مقولة إنقاذ كوكب الأرض، فقد يؤدي ذلك إلى تعارض مع مصالح النزعة المحلية، وقد لا يكون من الممكن إقناع أحد، بوجود اهتمامات يجب أن تكون لها الأولوية، أكثر بعداً من الناحية التجريبية. أيضاً، ذلك يصح بالقدر نفسه، في الحالات السياسية الثقافية، الأكثر صعوبة، والتي توجد فيها أنواع مختلفة من المخاوف البيئية، على اعتبار أن مسببات المشكلات البيئة، معقدة للغاية، ومفتوحة أمام اجتهادات الجدل والاختلاف.
وفي السياق العالمي البيئي،لا بد من طرح فكرتي المواطنة السياسية والحيز العام، وهذا يتطلب الحاجة إلى حلول سياسية شاملة، مما يطرح التساؤل: عما إذا كان يتعين علينا، النظر إلى أنفسنا بصفتنا مواطنين عالميين؟ أم مواطني دولة قومية؟ أم يجب علينا التعامل مع الإشكاليات البيئية من منطلق واقع طبيعة القضايا المطروحة؟وفقاً لذلك، يمكن اعتبار الروابط المحلية والعالمية، تشكلان عناصر رئيسية، سوف تؤثر في فكر وممارسة، السياسة البيئية في العقود المقبلة.ومع أن هاتين الرابطتين تمثلان اتجاهات مختلفة في السياسات البيئية، فإنه يمكن توقع حدوث ثلاث تطورات:أولاً: زيادة حدة الصراع والنضال من أجل الموارد على الصعيد المحلي. نتيجة لتعاظم توجهات السوق والدولة من أجل تنمية الموارد. ومع تكثيف المفاوضات حول قضايا الأرض، سوف تحتل هذه الاتجاهات موقعاً مركزياً على جدول أعمال السياسات البيئية.ثانياً: مع زيادة حدة التنافس، يُرجح تزايد توجه الفاعلين بالسوق والسياسة، نحو التفاوض والتعديل، في قضايا الاهتمام البيئي. فمثلاً، أعادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي، تعريف سياساتها بصورة جوهرية، في ما يتعلق بمسائل الإقراض، وإعادة التوطين، بما يتلاءم مع بعض المسائل البيئية. كذلك، نلاحظ ظهور ترتيبات مؤسسية بيئية عالمية، أمثال، اللجنة العالمية للسدود، حيث يجتمع الفاعلون في السوق والسياسة وهم: 1- شركات القوة الهيدروليكية الأساسية.2- ممثلو الدول.3- الفاعلون في الحركات البيئية.للتفاوض حول أطر ومعايير مقبولة، لاستثمار موارد المياه وتنميتها. فالضغوط التي توضع على كاهل السياسة والفاعلين من أجل تعديل الاهتمامات البيئية، يمكن أن تسفر عن ظهور مؤسسات أفضل، لتقييم حجم المخاطر البيئية وأثرها، فضلاً عن تخفيفها والتعويض عنها.ثالثاً: يجدر توقع درجة معينة من النزعة المهنية، في القضايا والاهتمامات البيئية. فعلى الرغم، من دينامكية القوة التي تستلزمها السياسات البيئية، في مواجهة المصالح المحلية، يمكن رؤية التضافر بين الاهتمامات البيئية للمواطنين، على نطاق واسع، يتجاوز مجرد سياسة خطر فقدان موارد الرزق، إلى قضايا مثل: تلوث الهواء والمياه، وقضايا الصحة، والحق في الحصول على المعلومات، والحق في المشاركة. رابعاً: عملية التفاعل التي تقع في المجتمع المدني وحركاته في مجال حقوق الإنسان، من المرجح، أن تغطي أوجه التشابه والمقاربات في الاتجاهات المستقبلية، وقد يثمر عن ذلك، تشكيل جماعات، تضم اهتمامات بيئية من منظور حقوق الإنسان. تؤكد المناقشات المعاصرة حول البيئة، عدداً من المجالات الحيوية، فلا بد، من البدء برؤية كيف يجب على الإستراتيجية البيئية العالمية، من منظور كوزموبوليتاني، أن تحول السياسة الدولية والعلاقات بين الدول، وأيضاً داخلها، إلى عدم تجاهل دور البناء البيئي الثقافي، في سلوك الدول؟وهذا يتطلب مستقبلاً من الناحية الإستراتيجية، التقليل من التشديد المفرط على القدرات العسكري، والتفوق الاقتصادي والسياسات الأمنية، على حساب الجوانب الأخرى من الضمانات الإنسانية البيئية الآيكولوجية، والملائمة الأخلاقية للقضايا العالمية، التي تؤثر في الأمن العالمي.rn باحث أردني في العلاقات الدولية مقيم في بيروت
النزعة الكوزموبوليتانية فـي الحقل البيئي
نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 07:20 م