TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قراءة النصوص وفلسفة الدلالة

قراءة النصوص وفلسفة الدلالة

نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 07:21 م

آية الله السيد عمار أبو رغيف|  7  |الملاحظة (3): أشرنا إلى ركون جل القائلين بإلهية الواضع إلى النصوص المقدسة، والمصير إلى مذهب ((التوقيف)) في وضع اللغة ونشأتها. ولم نعالج الاستدلال بالنصوص، إذ لا تشكل النصوص لدى عامة الباحثين الدليل الحاسم، إنما هي مناخ عام تترعرع فيه بعض الرؤى، وتفرض نفسها على النص بقراءته وتفسيره بما ينسجم مع الرؤى القبلية التي يستنطق النص هنا في ضوئها .
النص القرآني إذا عكفنا على النصوص الإسلامية ، التي جاءت في القرآن الكريم والسنة الشريفة، واتكأ عليها القائلون بأن الله تعالى واضع اللغة، وأن اللغة ليست مواضعة واصطلاحا من قبل الجماعة الإنسانية نجدها محصورة في بضعة نصوص كقوله تعالى : " وعلم آدم الأسماء كلها " ، وقوله تعالى: "علّمه البيان"، ونظير ما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي رافع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (مثلت لي اُمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كلّها كما علم آدم الأسماء كلّها). لكن تعليم الأسماء الذي ورد به النص لم يتلقه المفسرون على معنى واحد يحملنا على الاستدلال بالآية لإثبات توقيفية اللغة، بل حتى ترجيح هذه الدلالة بشكل معقول. فقد خضعت الآية للتأويل أيمّا خضوع، فقد جاء في (المحرّر الوجيز) لابن عطية: (اختلف المتأوّلون في قوله "الأسماء" ... ذهب ابن عباس وقتادة ومجاهد إلى أنه علّمه اسم كلّ شيء من جميع المخلوقات ...وقال حميد الشامي: علّمه أسماء النجوم فقط، وقال الربيع بن خثيم: علّمه أسماء الملائكة فقط ... وقال الطبري: علّمه أسماء ذريته والملائكة ...وقال قوم: عرض عليه الأشخاص عند التعليم .. وقال قوم: بل وصفها له دون عرض الأشخاص ... وقال القاضي أبو محمد: وهذه كلّها احتمالات قال الناس بها).أما الطبرسي في مجمع البيان فقد ذكر في تفسير قوله تعالى (.. الأسماء) وجهات النظر المتعددة وقال: (اختلفوا فقيل: فقيل علمه بأن أودع قلبه معرفة الأسماء وفتق لسانه بها، وقيل علّمه إياها بأن اضطره إلى العلم بها وقيل علمه لغة الملائكة).والفخر الرازي في تفسيره الكبير لم يشذ عن القاعدة العامة في تفسير الأسماء فقد أتى على الاختلاف الكبير في تفسير الأسماء، إذ أشار إلى قضية توقيفية اللغة أو اصطلاحيتها، عند الأشعري والجبائي والكعبي وعند أبي هاشم، ثم ذكر القول المشهور. إذن الاختلاف هو السمة البارزة في تفسير هذا النص بل اختلاف المتأولين، فهو نص قد اخضع للتأويل .لم يكن النص (نصّاً)، ولا ظاهراً تتوفر له قرائن الترجيح في داخله أو عبر النصوص الشارحة، التي جاءت بها السنة الشريفة؛ وآية ذلك هي أن جميع النصوص المقدسة وغير المقدسة تتذبذب دلالاتها حينما تتحدث عن عالم الأسرار، وتسود النزعة الذاتية في فهم النص! فاللغة اليوم ظاهرة موضوعية قائمة بالفعل، ويمكن إخضاعها لفروض الباحثين، والتحقق من قيمة، ورغم ذلك تواجه عامة البحوث اللغوية أسراراً في هذه الظاهرة، تطلبت على طول العلم المدون مزيداً من الأسئلة، وفيضاً من البحوث والدراسات. فكيف إذن، ونحن نتحدث عن هذه الظاهرة وهي تظهر من العدم إلى الوجود، وتفصلنا عنها حقب متمادية! وهنا أنقل نصاً طويلاً لابن جني لنعايش تجربة باحث مع سر اللغة ورموز نشأتها: "واعلم في ما بعد أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع فأجد الدواعي والخوالِج قويّة التجاذب لي مختلفة جِهاتِ التغوّل على فكري.وذلك أنني إذا تأّملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة وجدت فيها من الحكمة والدقّة والإرهاف والرقّة ما يملك علىّ جانب الفكر حتى يكاد يطمح به أمام غَلْوِة السحر فمن ذلك ما نبّه عليه أصحابنا رحمهم الله، ومنه ما حذوته على أمثلتهم فعرفت بتتابعه وانقياده وبعد مراميه وآماده صحّة ما وفَّقوا لتقديمه منه ولطفَ ما أُسعدوا به وفُرق لهم عنه وانضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند اللّه جل وعزّ، فقوي في نفسي اعتقاد كونها توفيقاً من الله سبحانه وأنها وحي. ثم أقول في ضدّ هذا كما وقع لأصحابنا ولنا وتنبهوا وتنبهنا على تأمل هذه الحكمة الرائعة الباهرة كذلك لا ننكر أن يكون الله تعالى قد خلق من قَبلنا وإن بعد مداه عنا مَن كان ألطف منا أذهانا وأسرع خواطر وأجرأ جَنَاناً فأقف بين تين الخَلّتين حسيراً وأكاثرهما فأنكفئ مكثوراً وإن خطر خاطر في ما بعد يعلّق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبتها قلنا به وبالله التوفيق.النص التوراتي: يتمسك بعض أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية بالنص الوارد في العهد القديم حيث جاء فيه:( "19" وجبل الرب الإله من الأرض كل الحيوانات البرية وكل طيور السماء فاحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها.{20} فدعا ادم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية..).ذهب الشرّاح الكنسيون إلى أن اللغة هبة من الله، وأن لغة الإنسان القديم كانت واحدة تنتظم فيها اُمم شتى حتى سقوط برج بابل، وتفرق أبناء نوح عن بعضهم في البلاد. وهناك رأي يفسر انقسام العصور الوسطى بشأن نشأة اللغة إلى توقيفيين (الكنسيون) واصطلاحيين (المدرسيون) الذين ذهبوا إلى أن اللغة مواضعات اجتماعية، فيرجع هذه الثنائية إلى تأثير الإغريق وثنائية أفلاطون – أرسطو. فالكنسيون اخذوا بمذهب أفلاطون، أما المدرسي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram