 بغداد/ طارق الجبوريلم تتمالك أم مصطفى مشاعرها فأطلقت لدموعها العنان وهي ترى نفسها قاب قوسين او ادنى من حادث سيارة كادت أن تدهسها وهي تسير متجهة إلى ساحة الخلاني لولا أن قدر الله ولطف. قالت بغضب وهي تمسح دمعها: أين يمكن ان أسير وكل هذه الأدوات والمكائن العائدة للمحال وغيرها تحتل الرصيف دون حساب فيضطر المواطن إلى المشي في الشارع المزدحم بالسيارات دائماً معرضاً نفسه لمخاطر الدهس. احد أصحاب المحال الزراعية المنتشرة في شارع السنك بدا  متذمراً وهو يسمع حديث السيدة وقال وهو يعود إلى محله:
 احمدي الله على السلامة بدلاً من التحريض علينا فهل نحن المتجاوزون الوحيدون على القانون! حاولت أن أتحدث مع عدد من أصحاب المحال عن سبب تجاوزهم على الشارع وسكوت مفارز أمانة بغداد الرقابية عنهم وتغاضي رجال المرور المنتشرين في المنطقة عن مخالفاتهم، لكني لم أجد احداً منهم مستعداً لتبادل الحديث وبعضهم تذرع بأنه عامل. لكن صاحب بسطية قال بلهجة عامية (لا تفطنوا الدولة علينا) فرجال الأمانة بين الحين والآخر يقومون بمحاسبتنا، لكن أين نذهب فهذا هو عملنا الوحيد الذي نكسب لقمة عيشنا بالحلال منه. وعندما سألته عن مقترح سابق للأمانة بإنشاء أسواق شعبية لأصحاب البسطيات والجنابر، ضحك واشار الى سوق قديم سبق ان تم تنفيذه في التسعينات في المنطقة وتابع تعليقه قائلاً  ليس المهم ان تنشئ سوقاً بل المهم ان يكون مكانه مناسباً ومقبولاً للجميع. فما جدوى ان اؤجر مكاناً لا يؤمه الناس فعملي يعتمد على الناس. وأضاف: ربما تقل ظاهرة التجاوز على الأرصفة  إذا عمل مجلس محافظة بغداد مع الأمانة في دراسة توفير أماكن مناسبة يمكن أن تحظى بالقبول من الجميع، كما أن من المهم معرفة أن بعض أصحاب المحال في بعض المناطق التجارية يتقاضون اجوراً من اهل "الجنابر".رجال المرور منشغلون في تنظيم حركة السير في هذه المنطقة المكتظة تقربت من احدهم وسألته لماذا لا توجهون أصحاب المحال على الأقل لرفع تجاوزاتهم أجاب بهدوء يكفي علينا محاسبة السيارات فهذه مهمة أمانة بغداد بالدرجة الأولى، في حين قال سائق كيا "هم مشغولون بمطاردتنا وكأننا لسنا عراقيين" وأضاف: نحن لا نتوقف وعملنا هنا يقتصر على تلقي الركاب دون ان نتوقف لوقت طويل. غير ان مواطنك آخر أجابه: انا مستفيد من تواجدكم لكن بصراحة عندما يتساهل رجال المرور أحيانا تتمادون وتتوقفون لفترات طويلة.عباس محمد علي (صاحب جنبر في الكاظمية) قال: جئت للتسوق من الشورجة لكني لا أكتمك سراً بان التجاوز مع الأسف صار طبيعياً في بلدنا ويبدو أننا لم نتعود بعد على احترام القوانين وأنا واحد من المتجاوزين وانا خريج كلية الإدارة والاقتصاد منذ سنتين ولكن أعطني عملاً في شركة قطاع خاص او في سفارة او دائرة حكومية أو أي مكان آخر حتى لا اضطر أن اعتاش بجنبر اعرف انه في مكان مخلف للقانون.مجموعة من أصحاب الجنابر البسيطة في الشارع يبيعون الموبايلات والعطور والحلويات قالوا إن امانة بغداد أول ما تنفذ حملتها علينا وتترك أصحاب المحال ولا  ندري ما هو السبب؟ وأضافوا ان عملنا أشبه بعابر السبيل فمكاننا ليس ثابت وبضاعتنا نظيفة وجميلة وليس فيها من ضرر. وأكد ابو تحسين أن الأمانة نفذت قبل ايام حملة عند المغرب قامت خلالها بإزالة بسطيات الشاي وغيرها دون وجود أصحابها ما سبب خسائر مالية لهم وهم فقراء. واضاف نعم هم متجاوزون ولكن ما هو الحل؟ وأين يذهبون؟واقترح أن تلتقي أمانة بغداد وبالتنسيق مع مجلس محافظة بغداد مع أصحاب البسطيات ومناقشة فكرة إنشاء أسواق شعبية لهم موزعة على مناطق بغداد والاتفاق على أماكنها لكي يتم الالتزام بها.شكرت ام مصطفى وتمنيت لها السلامة لأنها كانت السبب في فكرة هذا الموضوع الذي بقي مستعصياً على الحل منذ التسعينات واضطرار أعداد كبيرة من المواطنين على البحث عن  لقمة العيش من خلال البسطيات، ولجوء الدوائر البلدية آنذاك إلى عرض عدد من الأرصفة للإيجار لأصحاب الأموال الذين قاموا بتقسيمها وتأجيرها بأسعار خيالية ما ضاعف المشكلة وفاقمها.