عدنان حسينعندما جاءنا خبر يفيد بان ائتلاف دولة القانون يعتزم عقد مؤتمر صحفي للحديث عن القضايا المطروحة على بساط البحث والجدل في البلاد أملنا أنفسنا خيراً بان الكتلة المُتحكمة بالعمل الحكومي بصدد الإعلان عن مواقف جديدة وقرارات فيها نفعٌ عميم أُتخذت في ضوء دراسة مستفيضة ومتأنية لأوضاع البلاد وتطوراتها الأخيرة المقلقة للغاية.
لكن ما نتج عن المؤتمر الذي عُقد أمس وتحدث فيه النائب الشيخ خالد العطية يصحّ فيه المثل القائل "تمخّض الجبل فولد فأراً". فالشيخ العطية قدّم لنا تفسيراً عجيباً غريباً للدستور. قال: "الدستور لم ينصّ على إقامة الفدرالية فوراً"! . دساتير العالم كلها، كما يُفترض أن يعرف النائب العطية وائتلافه، لا تضع توقيتات محددة لتطبيق احكامها.. انها تتضمن المبادئ والأحكام العامة التي يتعيّن لاحقاً على السلطة التشريعية أن تُشرّع قوانين لها وعلى السلطة التنفيذية تنفيذ هذه القوانين. ودستورنا الذي ساهم النائب العطية في سنّه وتشريع بعض القوانين المستنبطة من مبادئه وأحكامه، نصّ على ان "جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق" (المادة 1)، و"يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمةٍ وأقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ وإداراتٍ محلية" (المادة 116). كما جاء فيه "اولاً: يقرّ هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً. ثانياً : يقرّ هذا الدستور الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لأحكامه" (المادة117).وهذا الدستور لم يتضمن أي مادة تنصّ على ما اذا كان تنفيذ أحكام هذه المواد أو أي مادة أخرى فورياً أو مؤجلاً الى حين.والدستور نصّ أيضاً على أن " يسنّ مجلس النواب في مدةٍ لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ أول جلسةٍ له، قانوناً يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم، بالاغلبية البسيطة للاعضاء الحاضرين (المادة 118). وقد شُرّع القانون فعلاًَ في العام 2006 ولكن تأجّل وضعه موضع التنفيذ حتى العام 2008 بطلب من جبهة التوافق. وكان الشيخ العطية أحد الذين شاركوا في تشريع القانون، فلماذا يعترض على تشكيل الأقاليم بذريعة ان الدستور "لم ينص على إقامة الفدرالية فوراً"؟ولنفترض جدلاً ان الدستور لم ينص على إقامة الفيدرالية فوراً، فان طلبات إقامة الفيدرالية والدعوات اليها انما تأتي بعد مرور نحو ست سنوات على إقرار الدستور في استفتاء عام، فما وجه اعتراض النائب العطية وائتلافه؟ولنفترض جدلاً أيضاً ان الدستور لم ينص على إقامة الفيدرالية فوراً وان النائب العطية وائتلافه يتمسكان بتطبيقه نصاً وروحاً فهل في وسع النائب العطية وائتلافه أن يُجيبا على السؤال التالي: هل نصّ الدستور على المحاصصة الطائفية والقومية؟ أم ان نظام المحاصصة هذا أوجدته القوى السياسية المتنفذة ومنها التي ينتمي اليها الشيخ العطية لتحلّ محل الدستور وتُبطل عمل أحكامه وتُفرغ النظام الديمقراطي الذي ناضل في سبيله الشعب العراقي وقدّم تضحيات جسيمة في سبيله من مضمونه؟ ليت النائب العطية وائتلافه يعملان على إعادة أمور الدستور الى نصابها بإلغاء نظام المحاصصة الذي تسبّب في كوارث مُهلكة.
شناشيل: تفسير الشيخ العطية للدستور
نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 08:48 م