علي حسينبلعبة شطارة يرمي ائتلاف دولة القانون بالدستور في ملعب مجلس النواب ، اليوم جميع الأعضاء البارزين في دولة القانون يتحدثون ليل نهار عن الدستور وقيمه العظيمة ، ويتشدقون بمصطلحات ضخمة وكبيرة ، لكن اكثرهم لا ينفذون شيئا من الدستور ، بل انهم يخالفون نصوص الدستور مع كل اشراقة صباح ،
وبعيدا عن حالة العشق المفاجئة التي استبدت بالبعض منهم فخرجوا يحملون الدستور على أكفهم ، مصرين على التضحية بالغالي والرخيص من اجل إعلاء قيمه ، فان قصة الأقاليم كشفت شيئا في غاية الغرابة والعجب ، وهو ان مسؤولينا ينفردون بأشياء يستحيل وجودها في أي مكان في العالم . كنت وفي هذه الزاوية بالذات قد تابعت المعارك التي خاضها المالكي ومقربوه حول الهيئات المستقلة ، وحرية التعبير ، وأيضا صلاحيات مجلس النواب وهي معارك كان البعض يحاول من خلالها إطلاق بالونة اختبار من اجل اقتناص مكاسب جديدة لدعم سلطته في الحكم ، ولم يكن احد منهم يأبه بالدستور ، فهو يضعه في جيب سترته يخرجه وقت الحاجة وفي أوقات الفراغ يرميه في أدراج النسيان ، اليوم يتذكر الشيخ خالد العطية رئيس الكتلة البرلمانية لدولة القانون الدستور فيتغنى به قائلا : " إن "الدستور العراقي يمثل أحد المرتكزات المهمة، واحترامه من البديهيات ولا يمكن القفز عليه" ، مبيناً أن "الدستور لم ينص على إقامة الفيدرالية فوراً، " الطريف في الامر ان السيد العطية ينسى ان الدستور كان نتاج الكثير من المساومات بين السياسيين ، ويعلم ايضا ان قضية الاقاليم ليست خبرا بسيطا يمكن تجاهله ونسيانه وكأنه لم يحدث ، لكنه يتعلق بمصير بلد يسعى سياسيوه اليوم الى تقسيمه على أسس طائفية. الجميع اليوم يخرج الدستور من أدراج مكتبه، لكنه في الحقيقة لا يطيق النظر إليه ، هو يحبه شرط أن يطبقه الآخرون فقط، لكن عندما يطلب منه ان يطبق فقراته تصبح القضية مجرد اختلاف في وجهات النظر. ما جرى في قضية الأقاليم لعبة يعرف أبعادها الجميع، وإن تعمد كل طرف ألا يكشف عن أوراقه.. رغم أن جميع المراقبين مطلعون على ان كل الأوراق في أيدي الجميع، وتلك هي المفارقة اللطيفة، التي تجعل الدراما مثيرة، كما لو أننا نتفرج على مسلسل أبطاله يخططون لكل شيء أمام المشاهدين. والمشاهدون يعلمون نهايات الأحداث، والجميع يعرف حقيقة النوايا والاتصالات، وربما حتى التوقيتات التي سوف يتم إلقاء الورق فيها على المائدة وكشف ما فيها.للأسف يعتقد بعض الساسة أن الديمقراطية وفرت لهم المناخ الملائم لتوجيه الشعب بالوجهة التي يختارونها، ونسوا أن الديمقراطية صعبة تحتاج الى مجهود شاقة ومضنية وعمل بالليل والنهار، في زمن تخيم فيه الانتهازية والوصولية على غالبية المهتمين بالعمل السياسي والحزبي، الكل بات يعرف أن معظم الكتل السياسية لم تؤد دورها الحقيقي في خدمة المواطن وانشغلت بأمور لا تخص عمل الدولة، بل إن قنوات تواصل حية بين هذه القوى السياسية والناس مفقودة أو غير موجودة أصلا.الناس كانت تريد سياسيين لديهم القدرة على الابتكار، ومسؤولين منشغلين بهموم المواطن أكثر من انشغالهم بأنفسهم وبالذين يدورون حولهم، سياسيين لا يلوحون بالدستور فقط في اوقات الأزمات ، وفي باقي الايام والشهور يقتصر الحديث على الرواتب والمناصب والمنافع والامتيازات. ما حدث في معركة الاقاليم يجعلنا ننبه إلى أن سفينة الوطن في طريقها إلى أن تغرق في بحور من اللامبالاة والكراهية للعملية السياسية والرفض لكل قرار سياسي. الشيخ العطية، مشكلتنا اليوم هي في القافزين على مطالب الناس واحتياجاتهم ، مشكلتنا اللامبالاة والانتهازية التي أصبحت داء يستوطن غالبية السياسيين ، اما الدستور فكم من الجرائم ترتكب باسمه كل يوم .. اللهم نجنا من دستور دولة القانون.. وابعده عنا آمين يارب العالمين.
العمود الثامن: اللهم نجنا من دستور دولة القانون
نشر في: 23 نوفمبر, 2011: 08:54 م