علي الحسينيعلى الرغم من أن شبكات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك، وتويتر، واليوتيوب) أنشئت بالأساس للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، إلا أن استخدامها امتد ليشمل أنشطة، ومجالات أخرى، كالنشاط السياسي، والإعلامي، خصوصا خلال الأشهر الأخيرة في المنطقة العربية. وهي المرة الأولى التي أفاد منها "المواطنون العرب من العولمة ومظاهرها التقنية الحديثة".من المؤكد أن استخدام شبكات التواصل في الأحداث التي شهدتها المنطقة، ومنها العراق، ترك آثارا كبيرة، وكثيرة، وعلى مختلف المجالات السياسية، والاجتماعية، والإعلامية.
سأكتفي هنا فقط، بالحديث عن الآثار التي تركتها تلك الشبكات، على وسائل الإعلام التقليدية، وأين تجلى ذلك. ثمة محوران مهمان- من وجهة نظري- يجب الالتفات إليهما:المحور الأول: (وهو محور جدلي) عن ماهية إعلام شبكات التواصل الاجتماعي. ويثير أسئلة ثلاث:- هل نحن بإزاء إعلام بديل عن الإعلام السائد بصيغه التقليدية "المقروءة والمسموعة والمرئية"؟.- أم نحن أمام نسخة جديدة متطورة من الإعلام التقليدي؟- أم لا هذا ولا ذاك!، بل نحن أمام إعلام جديد، لا يمت بصلة للإعلام القديم. بسبب اختلاف الأدوات، والوسائل، وعناصر العملية الاتصالية، والاهم تباين البنية المفاهيمية والفلسفية والنظرية بين الاثنين؟في ما يتعلق بالإجابة على أسئلة المحور الأول. أرى، أن مسألة الادعاء بأننا أمام إعلام بديل، هي مسألة خلافية سجالية منذ بزوغ عصر الشبكة المعلوماتية، وخصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة، التي شهدت رواجا هائلا، وضخما للمدونات، ومواقع الجات والرأي. في تلك الفترة، طرح البعض رأيا مفاده؛ إننا أمام إعلام بديل وليس جديدا! وبالغ أصحاب ذلك الرأي بان هذه الوسائل الجديدة ستحل بمرور الوقت محل الوسائل القديمة.إلا أن السنوات أثبتت أن الأمر ليس بهذه السهولة. ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام، خصوصا المرئي الفضائي منها، استطاعت مواكبة التطور في الاتصالات، عبر إدخالها الكثير من التقنيات الحديثة، أثبتت-تلك الوسائل- من خلالها، إنها تمتلك قدرة التواصل، حتى الآن مع التطورات الإعلامية السريعة. ما أعتقده هو أننا لسنا أمام ميديا بديلة. ولا نحن أمام مولود جديد خرج من رحم الوسائل القديمة. بل نحن أمام (نيو ميديا) أي نمط جديد من الوسائل الإعلامية، كجزء من ثورة تكنولوجيا الاتصال الحديثة، وإحدى المظاهر الفاعلة للعولمة الإعلامية، والإعلام الإلكتروني. نعم، إذا كنا نتحدث عن الإعلام في المنطقة العربية، والعراق من ضمنها، فالأمر له خصوصيته. ربما إذا بقي احتكار تلك الوسائل من قبل السلطة أو الخاضعين لها أو مواليها، ربما سنكون أمام إعلام بديل. لكن، لا يمكن فك ارتباط هذا التوقع عن الظرف المحلي الخاص به.وإلا أننا نلاحظ، أن شبكات التواصل الاجتماعي في الأنظمة الديمقراطية، مازالت غير فاعلة سياسيا، بل تعمل وفق نمطها الاجتماعي، الذي أُنشئت من أجله، كشبكات تواصل اجتماعي. والسبب، هو أن وسائل الإعلام التقليدية في تلك البلدان، لا تعاني احتكار الدولة لها، بل هي منفتحة أمام مواطنيها.فما يجري الحديث عنه هنا، لا ينطبق في دولة متقدمة، كفرنسا أو أميركا أو بريطانيا أو سواها من البلدان الأخرى.وهذا ما يعزز اعتقادي أننا أمام نمو نمط نيو ميديوي وليس إزاء ميديا بديلة. وأستند في زعمي هذا على عدة مبررات وأسباب:الأول: إن اعتماد شبكات التواصل أو عموم فضاء الانترنت، كوسائل نشر بديلة، جاء كرد فعل للواقع الاجتماعي والسياسي في المنطقة العربية، والإسلامية، وما يفرضه هذا الواقع من قيود وأطر تضييق في مجال التعبير عن الرأي، ونشر الأفكار.الثاني: أيضا جاء كرد فعل على السيطرة الكاملة لأجهزة السلطة على الوسائل التقليدية في الاتصال والإعلام. فلم تُترك أية قنوات تقليدية للشباب الحر، فتحولت شبكات التواصل إلى ملاذات آمنة لهم. الثالث: القيود الكثيرة الموضوعة أمام إصدار الصحف، وإنشاء الإذاعات، والمحطات التلفزيونية، والتي لا تسمح بظهور إعلام مستقل محايد.الرابع: سهولة الاستخدام، وانخفاض الكلفة. فلا يتطلب الأمر من مستخدم تلك الشبكات غير معلومات حاسوبية طفيفة، لكي يقوم بنقل، ونشر وعرض ما يريد، وإرساله إلى نقاط مختلفة. بينما مستخدمو وسائل الإعلام التقليدية، يفترض أن يكونوا حائزين على مؤهلات خاصة. مثل: فنون كتابة الخبر والمقال، وطرق وفنون التصوير. وهكذا بقية القواعد والآليات غير المتاحة، والمعروفة لدى عامة مستخدمي هذا النوع من وسائل الإعلام.الخامس: سرعة تأثير شبكات التواصل في الحركات الاجتماعية، والسياسية، والإعلامية على نحو يفوق، ويتجاوز تأثير وسائل الإعلام القديمة. والدليل أن وسائل الإعلام التقليدية لم تستطع أن تؤثر، وتحافظ على مشاهديها، لو لم تلجأ إلى الإفادة من تلك الشبكات، حتى أضحت الناقل الأكثر لما يتم عرضه على الفيسبوك .والنقطة الأخيرة هذه، تعطينا دليلا إضافيا على إمكانية بقاء، واحتفاظ الوسائل التقليدية بكارزمتها، وتأثيرها بين متلقيها.المحور الثاني: عن التأثير الذي خلفته شبكات التواصل على وسائل الإعلام التقليدية. وسؤاله: ما هي صور التأثير التي طبعتها شبكات التواصل الاجتماعي على وسائل الإعلام التقليدية؟من المؤكد أنه لا يمكن إخفاء الأثر الكبير الذي تركته شبكات التواصل الاجتماعي، وفي صدارتها شبكة الفيسبوك، على وسائل الإعلام التقليدية. فقد تحولت تلك الشبكات، إلى ما يمكن تسميته بـ(إعلام الشارع الحديث)، مقابل إعلام النخبة (السلطة، السيا
أثر شبكات التواصل الاجتماعي فـي وسائل الإعلام التقليدية
نشر في: 25 نوفمبر, 2011: 06:18 م