علاء حسن الاستعدادات لإقامة مراسيم عاشوراء جارية على قدم وساق في معظم أحياء العاصمة، وبعض محافظات الوسط والجنوب ، ومن مظاهر تلك الاستعدادات رفع الرايات والصور من مختلف الأشكال والألوان ، وبعد أن ضمن الدستور للعراقيين حرية ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية ، ونتيجة الحاجة إلى مستلزمات إحياء الشعائر ، شهدت الأسواق العراقية بضائع مستوردة من إيران مثل الزناجيل والطبول والرايات ، لتكون بمتناول من يستخدمها خلال الأيام العشرة الأولى من عاشوراء .
أغرب ما شهدته الأسواق توفر(قامات) مصنوعة في الصين وبإحجام وأشكال مختلفة ، وبأسعار مناسبة و (القامة) كما هو معروف تستخدم في التطبير في اليوم العاشر ، ومما لاشك فيه انه تم تصنيعها استجابة لطلب تجار عراقيين ، أدركوا الحاجة الضرورية لها ، فعملوا على توفيرها بكميات كبيرة جدا ، فأفاد المصنعون الصينيون من إنتاجها ، بعد أن ضمنوا أسواقها والطلب المتزايد عليها .إنها مفارقة حقا أن تصنع الصين السيوف (القامات) ليستخدمها العراقيون في التطبير، علما أن أجدادنا كما علّمتنا كتب التاريخ في مناهج وزارة التربية ، عرف عنهم خبرتهم الواسعة في صناعة السيف ، حتى أطلقوا على هذا السلاح الذي (حقق الأمجاد العربية ) أكثر من مئة اسم اعتزازا ومفخرة بإنجازاته ، عندما كان بيد الفرسان الأشاوس المدافعين على الأرض والعرض . خلال أيام عاشوراء ستدخل الأجهزة الأمنية في حالة استنفار لحماية المواكب الحسينية ، وستغلق طرق عامة ، كما هي العادة في سنوات سابقة ، وستتفاقم مشكلة الاختناقات المرورية ، لأن المسؤولين لا يمتلكون بدائل غير قطع الشوارع ، وتغيير مسار المركبات ، ولا أحد يعلم إلى أين تتجه .الجيل الجديد من العراقيين حديث العهد بالتعرف على طقوس وشعائر عاشوراء ، أما السابق فهو يعرف أدق تفاصيلها ، وخصوصا من سكن في مدن تضم مراقد دينية ، بدءاً من أسماء المواكب ورؤسائها ، والمتخصصين بشؤون التطبير ، وتنظيم (اللطامة) ومن يحمل (العلم الزنكي ) ومن يمثل في التشابيه أدوار الشمر وعمر بن سعد وحبيب بن مظاهر والحر الرياحي وغيرهم ، والجيل القديم وبينهم من ضرب الزنجيل والقامة استخدموا مستلزمات محلية الصنع ، لممارسة طقوسهم ولم يكن يخطر في بال أحدهم استيراد (القامات) من الصين .بانتشار الفضائيات أصبح بإمكان الجيل الجديد مشاهدة (السبايات) ، وهو في بيته ، وستوفر أيام عاشوراء فرصة لإبعاد معظم العراقيين عن متابعة أخبار السياسيين ، لان بعضهم سيكون منشغلا بتلك الشعائر ، وربما سيسخرها لخدمة حزبه أو كتلته البرلمانية ، مثلما أفاد التجار من القامات المصنعة في الصين وبيعها في الأسواق العراقية .من عرف ثورة الإمام الحسين وأدرك أبعادها ، لابد من أن يستلهم معانيها وعليه أن يترجمها لسلوك وممارسة لمواجهة الطغيان والاستبداد ، ولتحقيق التحرر ، وبكل هذه المعاني وغيرها كان الحسين الثائر أبو الأحرار في كل مكان وزمان.
نص ردن: عــاشــوراء
نشر في: 25 نوفمبر, 2011: 06:42 م